للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأصل فيها قوله تعالى: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٧] فسره بعضهم بما يستعيره بعض الجِيْرَان من بعض كالدلو والفأس والقدر، وروي أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:" العارِيَةُ مضمونة والزَّعيم غَارِمٌ" (١).

وروى أيضاً أنه -صلى الله عليه وسلم- (استعار درعًا مِنْ صَفْوَانَ فقَالَ أغَصْبًا يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلْ عَارَيةٌ مَضمُونَةٌ) (٢).

فقال صاحب الكتاب (ولها أركان وأحكام). أما الأركان:

فاحدها المُعير والمعتبر فيه المنفعة (٣)، وألاَّ يكون محجوراً عليه في التبرّعات،


= عرفها المالكية بأنها: تمليك منفعة مؤقتة لا بعوض.
عرفها الحنابلة بأنها: العين المعارة من مالكها أو مالك منفعتها أو مأذونها في الأنتفاع بها مطلقًا، أو زمناً معلومًا بلا عوض.
انظر: تبيين الحقائق ٥/ ٨٣، المحلى على المنهاج ٣/ ١٧، مواهب الجليل ٥/ ٥٦٨، كشاف القناع ٤/ ٧٢. أسهل المدارك ٣/ ٢٩، مجمع الأنهر ٢/ ٣٤٥ - ٣٤٦.
(١) تقدم في "الضمان" بلفظ "العارية مؤداه".
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٦٢) والحاكم (٤٧١٢) والبيهقي في السند الكبرى (٦/ ٨٧) وأورد الحاكم له شاهداً من حديث ابن عباس وزاد أحمد والنسائي: "فضاع بعضها، فعرض عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يضمنها له، فقال: أنا اليوم يا رسول اله في الإسلام أرغب" وفي رواية لأبي داود: "أن الأدراع كانت ما بين الثلانين إلى الأربعين، وزاد فيه معنى ما تقدم، ورواه البيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أمية بن صفوان مرسلاً، وبين أن الأدراع كانت ثمانين، ورواه الحاكم من حديث جابر، وذكر أنها مائة درع وما يصلحها، أخرجه في أول المناقب، وأعل ابن حزم وابن القطان طرق هذا الحديث، زاد ابن حزم: إن أحسن ما فيها حديث يعلي بن أمية -يعني الذي رواه أبو داود- وفي الباب عن ابن عمر أخرجه البزار بلفظ: "العارية مؤداة" وفيه العمرى وهو ضعيف، وعن أنس أخرجه الطبراني في الأوسط بلفظ: "إن بعض أهل النبي -صلى الله عليه وسلم- استعار قصعة فضيعها، فضمنها له النبي -صلى الله عليه وسلم- تفرد به سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف. ينظر التلخيص ٣/ ٥٢ - ٥٣.
(٣) يستثنى من ملك المنفعة مسائل:
منها: إذا نذر هديًا أو أضحية، فإن له إعارتهما كلما صرحا به مع أنهما خرجا عن ملكه بالنذر. ومنها إذا أعار ولده الصغير لخدمة لا تقابل بأجرة وأجاب الزركشي عن الأول بأن الزائل بالنذر ملك الرقبة خاصة، وأما ملك الانتفاع فلم يزل بدليل أنه له الركوب وشرب اللبن وغير ذلك. قال -الله تعالى- {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أي إلى يوم نحرها، ويشهد لذلك أنه لو أعارها وتلفت ضمنها المستعير دون المعير كما قاله في "الكفاية" في باب الأضحية، ولو لم يملك المنفعة لضمنها المعير كما لو أجرها وتلفت في يد المستأجر فإنه يضمنها المؤجر كما لو تلفها، وأما صورة الإمام فخارجة عن القواعد لأنه نائب المسلمين والتصرف كما يكون بالملك يكون بالنيابة وهذا كما يملك العين إن رأى المصلحة وإن لم يكن مالكها، وعلى تقديره فلا نسميها عارية بل إباحة وإسعافًا للمحتاجين لأن بيت المال مرصد للمصالح، ولهذا لو تلفت في يد المستعير لا يضمن لأنه من جملة المستحقين وكذلك إعارة الصبي لمصلحة التمرين وأما ما =

<<  <  ج: ص:  >  >>