للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما اعتبرت ملكية المنفعة دون العين؛ لأن الإعارة ترد على المنفعة دون العين، وإنما اعتبر عدم الحَجْر في التبرعات؛ لأن الإعارة تبرع، ويتعلق بقيد المالكية صورتان.

إحداهما: أن المستأجر يجوز له أن يعير؛ لأن مالك المنفعة أَلاَ تَرَى أنه يجوز له أخذ العوض عنها بعقد الإجاره؟ وكذا الموصى له بخدمة العَبْدَ وَسَكْنَى الدار له أن يعيرها (١).

الثانية: أن المستعير هل يعتبر (٢)؟ فيه وجهان.

أحدهما: نعم، كالمستأجر فإن للمستأجر أن يؤجّر، فكذلك المستعير له أن يعير، ويحكى هذا عن أبي حنيفة.

وأصحهما: المنع؛ لأنه غير مالك للنفعة ألاَ ترى أنه لا يجوز له أن يؤجر، وإِنما أبيح له الانتفاع، والمستبيح لا يملك نقل المِلْكِ بإلاباحه إلى غيره، والضيف الذي أبيح له الطَّعَام ليس له أن يبيح لغيره، للمستعير أن يستوفي المنفعة بنفسه (٣)، وبوكيله.


= نقله عن الكفاية وأقره عليه فالذي ذكره في الروضة ظاهره ضمان المعير، وعبارته في الأضحية يجوز ركوبها وإركابها بالعارية والحمل عليهما من غير إجحاف، فإن نقصاً بذلك ضمن أي الناذر بالاستعمال والعارية.
(١) قال الاذرعي: أطلقا هنا يعني الشيخين وقالا في باب الوصايا: إن استغرقت الوصية مدة بقاء العين أو قدرت المدة كان تمليكا أي للمنفعة وإن أوصى له بالمنافع مدة حياته فإباحة لا تمليك فلا يؤجر، وفي جواز الإعارة له وجهان وإن أوصى له يسكن هذه الدار أو بخدمة هذا العبد فإباحة أيضاً. قال -أعني الاذرعي-: قضية إطلاقهما هنا أيضاً للموقوف عليه أن يعبر وصرح به المصنف في كتاب الوقف وليس على إطلاقه بل هو محمول على من له الاستغلال واستيفاء المنفعة كيف شاء، أما لو وقف داراً ليسكنها معلم الصبيان بالقرية فليس له أن يسكنها غيره ولو وقفها على أن تستغل وتصرف غلتها إلى زيد تعين الاستغلال.
(٢) محل كون المستعير لا يعير إذا لم يأذن له المعير، قال القمولي في الجواهر: لو أذن المعير للمستعير أن يعير جاز، فإن سمى الثاني خرج الأول بالإعارة منها، ويرى من ضمانها، ولا رجوع له فيها، وإذا ردها الثاني عليه لم يبرأ، بل هو كالوكيل في الإعارة، وإن لم يسمه فالأول على استعارته والثاني مستعير منه وله الرجوع متى شاء، فهذا ردها الثاني عليه برئ وهذا هو المنقول عن الماوردي والروياني.
(٣) قال النووي: قال صاحب "العدة": ليس للأب أن يعير ولده الصغير لمن يخدمه، لأن ذلك هبة لمنافعه، فأشبه إعارة ماله. وهذا الذي قاله، ينبغي أن يُحمَل على خدمه تقابل بأُجرة، أما ما كان محقَّرًا بحيث لا يقابل بأُجرة، فالظاهر الذي تقتضيه أفعال السلف: أنه لا منع منه إذا لم يضر بالصبي، وقد سبق في كتاب "الحجر" نحو هذا. وكلام صاحب "العدة" مبني على أن العارية هبة المنافع، والجمهور على أنها إباحة الانتفاع وما ذكره صاحب العدة جزم به سليم الرازي في المجرد، وقول المصنف -رحمه الله-، فالظاهر إلى آخر عن البحر للروياني أنه يجوز أن يعيره =

<<  <  ج: ص:  >  >>