للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه وجه: أنها غير مضمونه؛ لأن العارية صحت، أو فسدت تعتمد منفعة معتبرة؛ فإذا لم توجد، فما جرى بينهما ليس بعارية؛ لا أنه عارية فاسدة، ومن قبض مال الغير بإذنه لا لمنفعته كان أمانه في يده.

الشرط الثاني: أن تكون المنفعه مباحة، فلا يجوز استعمارة الجَوَارِى للاستمتاع، وإما للِخدمة فيجوز إن كانت الإعارة من مَحْرم أو امرأة، وإلاَّ فلا يجوز لخَوْف الفتنة إلاَّ إذا كانت صغيرة لا تُشْتَهَى أو قبيحة، ففيها وجهان (١).

وقوله في الكتاب: "ويكره الاستخدام إلا لمحرم" لفظ الكراهية يستعمل للتحريم تارة، وللتنزيه أخرى، وأراد هاهنا التحريم على ما صَرَّح به في "الوسيط"، وهو جواب على نفي الفرق بين الصغيرة والكبيرة، ثم إنه حكم في "الوسيط" بالصحة، وإن كانت الإعارة محظورة، فيشبه أن يقال بالفساد، فالإجارة للمنفعة المحرمة، ويشعر بما ما أطلقة المُعْظَم من نفي الجواز (٢) ويكره استعارة أحد الأبوين للخدمة؛ لأن استخدامهما (٣) مكروه، ولفظ الإمام في المسألة نفى الحل، ويكره إعارة العبد المُسْلم من الكافر، وهي كراهة (٤) تنزيه والله أعلم.

ولا يجوز للحلال إعارة الصَّيْدِ من المُحرم؛ لأنه يحرم عليه إمساكه، فلو فعل وتلف في يد المُحرم ضمن الجزاء لله تعالى والقيمة للحلال، وإن أعار محرم من


(١) قال النووي: أصحهما: الجواز، وبه قطع جماعة، منهم صاحبا "المهذب".
ولا ينحصر الجواز فيما ذكره الشيخ بل بقي صور: منها المالك ويتصور من المستأجر والموصى له بالمنفعة.
ومنها: الزوج يستعير زوجته من السيد. قاله في "المطلب". قال: وإذا أعارها تكون مضمونة عليه ولو في الليل إلى أن يسلمها له لأن يد الضمان تثبت فلا تزول إلا بذلك.
ومنها: إذا مرض رجل ولم يجد من يخدمه إلا امرأة فإنها تخدمه للضرورة فلو استعارها والحالة هذه صح. ينظر الروضة ٤/ ٧٢.
(٢) مال فى "المطلب" إلى كلام الغزالي فقال: المنع لا يرجع إلى غير المعقود عليه بل إلى غيره، وما كان من العقود محظورًا لغيره، ولا يقدح في صحته وفائدة الصحة أنه إذا استخدمها لا يستحق عليه أجرة. قال الزركشى: وينبغي أن يكون الحكم لذلك، ولو قلنا بالفساد، وقد حكي بعد وجهين في أن كل عارية فاسدة هل تجب أجرة منافعها؟ وهو مخالف للقاعدة أن فاسد كل عقد كصحيحه في الضمان وعدمه.
(٣) والأجداد والجدات وإن علوا سواء في ذلك كما قاله البندنيجي.
(٤) صرح الجرجاني وآخرون، بأنها حرام، وصرح صاحب "المهذب" وآخرون، بأنها لا تجوز، وظاهره التحريم، ولكن الأصح الجواز، وقد سبق في أول البيوع. وصرح في "التنبية" بالحرمة وفصَّل ابن الرفعة فقال: إن كان لغير الخدمة فكراهة تنزيه، وإن كان للخدمة فحرام، وجزم السبكي في "شرح المنهاج" للنووي بالتحريم لما فيها من الاستيلاء على المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>