للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حلال. فإن قلنا: إن المحرم يزول ملكة عن الصيد، فلا قيمة له على الحلال؛ لأنه أعار ما ليس ملكًا له، وعلى المحرم الجزاء لله تعالى لو تلف في يد الحلال؛ لأنه متعّدٍ بالإعارة، وكان من حقه الإرسال.

وإن قلنا: لا تزول صحت الإعارة، وعلى الحلال القيمة لو تلف الصيد عنده.

فرع: دفع شاة إلى رجل، وقال: ملَّكتك دَرّها ونسلها، فهي هبة فاسدة، وما حصل في يده من الدر والنسل كالمقبوض بالهبة الفاسدة، والشاة مضمونة عليه بالعارية الفاسدة، ولو قال: أبحث لك دَرّهَا ونسلها، فهو كما لو قال: ملكتك على أحد الوجهين.

والثاني: أنها إباحة صحيحة، والشاة عارية صحيحة، وهذا ما أورده صاحب "التتمة" (١).

وعلى هذا فقد تكون العارية لاستيفاء عين، وليس من شرطها أن يكون المقصود مجرد المنفعة، بخلاف الإجارة، ولو قال: ملكت لك دَرَّهَا، أو أبخنكه على أن تعلقها. قال في "التهذيب": العلف أجرة الشاة وثمن الدر والنسل، والشاة غير مضمونة؛ لأنها مقبوضة بإجاره فاسد، والدر والنسل مضمون عليه بالشراء الفاسد، وكذلك لو دفع قراضه إلى سقَّاءٍ، وأخذ الكوز ليشرب فسقط من يده، وانكسر ضمن الماء؛ لأنه مأخوذ بالشراء الفاسد، ولم يضمن الكوز؛ لأنه في يده بإجارة فاسدة وإن أخذ مجانًا، فالكوز عارية، والماء كالمقبوض بالهبة الفاسدة (٢).

الثاني: قال في "التتمة": تعين المستعار ليس بشرط عند الأستعارة حتى لو قال: أعرنى دابتك، فقال المالك: أدخل الإصْطَبل، وخذ ما أردت، صحت العارية، بخلاف الإجارة تُصَان عن مثلها؛ لأن الغرور لا يحتمل في المعارضات والله أعلم.

قال الغزالي: (الرَّابِعُ: صِيغَةُ الإِعَارَةِ) وَهُوَ كُلُّ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلىَ الإِذْنِ الانْتِفَاعِ،


(١) قال النووي: هذا أصح، واختاره أيضاً القاضي أبو الطيب، وصاحب "الشامل" وحكم هذان والمتولي بالصحة فيما إذا أعاره الشاة ليأخذ لبنها، أو أعاره شجرة ليأخذ ثمرها. ينظر الروضة ٤/ ٧٤.
(٢) قال في الخادم: أطلق ضمان الماء في الصورة الأولى وهو معتد بما إذا كان ماء الكوز قدر ما يشربه، فإن كان فيه ما يزيد على ذلك لم يضمن الزائد. صرح به القاضي حسين والمتولي، ثم ذكر بعد ذلك ما ذكره الرافعي في باب الربا، لو كان له عشرة دراهم على غيره، فأعطاه عشرة عدداً، فوزنت فكانت أحد عشر درهماً، فالدرهم الفاصل للمقبوض منه على الإشاعة، ويكون مضمونًا عليه لأنه قبضه لنفسه. وقال البكري: والظاهر أن الرافعي يعتمد الإطلاق وأن الذي ذكره القاضي والمتولي حكايته وجه. نعم لو كان الكوز كبيراً يعلم منه أنه يزيد على شرب الأخذ، والعادة جارية برد الفاضل، فيظهر ما قاله القاضي حسين.

<<  <  ج: ص:  >  >>