للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما ضمان الأجزاء، فما تلف منها بسبب الاستعمال المأذون فيه كانمحاق الثوب باللبس لا يلزم ضمانها لحدوثه عن سبب، وأذن فيه.

وفيه وجه ضعيف: أنه يلزم؛ لأن العارية مؤداة، فهذا تلف بعضها فات رده، فيضمن بدله، وما تلف منها بغير هذا السبب، ففيه وجهان مذكوران في "التهذيب":

أحدهما: أنه لا يلزم ضمانها أيضاً، كما لو تلف بالاستعمال، ويكتفى برد الباقي.

وأصحهما: اللزوم، كما لو تلفت العين كلها وهلاك الدابة بسبب الركوب، والحمل المعتاد، كانمحاق الثوب وتعييبها به كالانمحاق، كذا ذكره الإمام.

وفيما جمع من "فَتَاوى القَفَّالِ" انه لو قرّح ظهرها بالحمل، وتلفت منه يضمن، سواء كان متعديًا بما حمل، أو لم يكن؛ لأنه إنما أذن في العمل لا في الجراحة، وردُّها إلى المالك لا يخرجه عن الضمان؛ لأن السّرَاية تولدت من مضمون، فصار كما لو جرح دابة الغير في يده، وهذا في الجمل الذي هو غير متعدّ به جواباً على وجوب الضمان في صورة تفسير الانمحاق والله أعلم.

كذا ذكر الإمام وجميع ما ذكرناه فيما إذا استعار من المالك، ووراءه صورتان:

إحداهما: إذا استعار من المستأجر، أو الموصى له بالمنفعة فأحد الوجهين: أنه يضمن، كما لو استعار من المالك.

وأصحهما: أنه لا يضمن (١)؛ لأن المستأجر لا يضمن، وهو نائب المستأجر ألاَ تَرى أنه إذا انقضت مدة الإجارة ارتفعت العارية، وأنه استقرت الأجرة على المستأجر بانتفاع المستعير. ومؤنة الرد في هذه الاستعارة على المستعير (٢) أنْ رد على المستأجر، وعلى المالك إن رد عليه كما لو رد عليه المستأجر.

الثانية: إذا استعار المغصوب من الغاصب، وتلف في يده غَّرم المالك قيمته يوم التلف من شاء منهما وقرار الضمان على المستعير. لأن المال حصل في يده بجهة مضمونة، وإن كانت قيمته يوم التلف أكثر، نظر أن كانت الزيادة في يد المعير الغاصب لم يطالب بها غيره، وإن كانت في يد المستعير.

فإن قلنا: العارية تضمن ضمان المغصوب فهو كقيمته يوم التلف (٣).


(١) محله في الإجارة الصحيحة، فأما في الفاسدة فالضمان كلما صرح به البغوي في فتاويه وألحق الأذرعي بذلك الموقوف عليه.
(٢) لأن لوكلفنا المعير مؤنة الرد لامتنع الناس من الإعارة قضية.
(٣) كلام الشيخين في كتبهما أنه لا فرق في ضمانه بالقيمة بين المتقوم والمثلي، قال الإسنوي: وهو كذلك ففي الحاوي والمهذب أو البحر إن ضمناه بالمتقوم بالأقصى أوجبنا المثلي في المثلي، =

<<  <  ج: ص:  >  >>