للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امتنعنا من الاختيار وأعراض القاضي عنهما على وتيرة واحدة.

القسم الثاني: العارية المقيدة بمدة فللمستعير البناء والغراس في المدة إلاَّ أن يرجع المعير، وله أن يجدد كل يوم غرسًا كذا قاله في "التهذيب"، وبعد مضي المدة ليس له إحداث البناء والغراس، وإذا رجع المعير عن العارية إما قبل مضي المدة، أو بعده، فالحكم كما لو رجع في القسم الأول، ويختص هذا القسم بشيئين:

أحدهما: أن فيما قبل مضي المدة وجهاً أنه لا يتمكن من الرجوع، كما قدمناه عن مالك.

والثاني: أن أَبَا حَنِيْفَةَ والمزني جَوَّزا له القَلْع مجاناً، فهذا رجع بعد المدة ذهاباً إلى أن فائدة ذهاب المدة القلع بعد مضيها مضبوطة.

ونقل أَبُو عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيُّ قولاً مثله عن رواية السَّاجيِّ، وهو اختيار القَاضِي الرُّوياني.

ووجه ظاهر المذهب أنه مخير ما لم يشترط نقضه، فلا ينقض مجاناً، كما في العارية المطلقة، وبيان المدة كما يجوز أن يكون المنح من إحداث البناء والغراس بعدها، أو طلب الأجرة.

وقوله في الكتاب: "بل يتخير بين أن يبقى بأجرة وينقض بأرش أو يتملك" ببدل المراد من الأرض مَا مَرَّ والتفاوت بين قيمته ثابتًا ومقلوعًا، ومن الأجرة أجرة المِثْلِ، ومن البدل القيمة عند من يقول باختيار المستعير على ما اخْتَارَهُ المعير منها، وما يتفقان عليه، ومن الأجرة والإبدال عند من يعتبر رضا المستعير.

وقوله: "لأنه معرض للنقض" يمكن حمله على نقض الملك بأن يملكه المعير، وعلى نقض البناء بأن يقلعه، وهو الذي أراد صاحب الكتاب.

وقوله: "لم يكن له إلاَّ التخيير بين الخصال الثلاثة معلم -بالحاء والزاي والواو- وسائر ما يحتاج إلى ذكره من ألفاظ الكتاب قد اندرج في أثناء الكلام، والله أعلم.

فرع: قال أَبُو سَعِيدٍ المُتَوَلِّي: أحد الشريكين إذا بني، أو غرس في الأرض المشتركة بإذن صاحبه، ثم رجع صاحبه لم يكن له أن يغرم ويتقضى (١) لأنه للباني (٢)، ويغرم أرش النقصان؛ لأنه يتضمن نقض بناء المالك في ملكه، ولأن يتملك بالقيمة في الأرض مثل حقه، فلا يمكننا أن نقول: الأصل للمعير والبناء تابع له، نعم له تقرير


(١) وعبارة "الروضة" لم يكن له القلع بأرش النقصان.
(٢) سقط في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>