وأصحهما: عند الجمهور، وبه قال الرَّبِيعُ والمُزَنِيَّ وابْنُ سُرَيْجٍ بأن الصورتين على القولين، ثم منهم من يقول بحصولهما على سبيل النقل والتخريج.
ومنهم من يقول: هما منصوصان في كل واحد من الصورتين.
أصحهما: تصديق المالك، وبه قال مالك والمزنى، كما لو اختلفا في عين مال، فقال المالك: بعتكها، وقال من في يده؛ وهبتنيها، فإن المصدق هو المالك، وكما لو أكل طعام الغير، وقال: كنت أبحته لي، فأنكر المالك فالقول قوله.
والثاني: تصديق الراكب والزارع، ويحكى هذا عن أبي حنيفة؛ لأنهما أتفقا على أن المنفعة مباحة له، والمالك يدعى عليه الأجرة، والأصل براءة ذمته عنها، وإلى هذا مال الشيخ أبُو حَامِدٍ.
وفرق الأئمة: بين هذه المسألة، وبين ما إذا غسل ثوبه غسال، أو خاطه خياط، ثم قال: فعلته بالأجرة، وقال المالك: بل مجاناً حيث كان القول قول المالك مع يمينه قولًا واحداً، فإن الغَسَّال فوت منفعة نفسه، ثم دعى لها عوضاً على الغير، وهاهنا المتصرف فوت منفعة مال الغير، وأراد إسقاط الضمان عن نفسه، فلم يقبل.
التفريع إن صدقنا المالك فعلى ما يحلفه حكى الإمام عن شيخه في طائفة إنه إنما يحلف على نفي الإعارة التي تدعى عليه، ولا يتعرض لإثبات الإجارة مع نفي الإعارة، وكان السبب فيه أن ينكر أصل الإذن حتى يتوصل إلى إثبات المال بنفي الإذن، ونسبته إلى الغَصْب، وإذا بأصل الإذن، فإنما يثبت المال بطريق الإجارة، فملكناه الحلف على إثباته. فإن قلنا: لا يتعرض إلاَّ لنفي الإعارة فإذا حلف استحق أقل الأمرين من أجرة المثل أو المسمى؛ لأنه إن كان أجر المثل أقل لم تَقَمْ حجة على الزيادة، وإن كان المسمى أقل فقد أقر أنه لا يستحق الزيادة. وإن قلنا: يتعرض لهما ففيما يستحقه وجهان:
أحدهما: المسمى إتمامًا لتصديقه.
وأظهرهما: ويحكى نصًّا في "الأم" أجرة المثل؛ لأنهما لو اتفقا على الإجارة واختلفا في الأجرة كان الواجب أجرة المثل، وإذا اختلفا في أصل الإجارة كان أولى، والإمام لم يحك الوجه الثاني هكذا, ولكن حكى بدله أنه يستحق أقل الأمرين كما سبق، والتعرض للإجارة لي هذا ليس لإثبات المال الذي يدعيه، ولكن لينتظم كلامه من حيث إنه اعترف بأصل الإذن، فحصل فيما يستحقه ثلاثة أوجه كما ترى، وإن نكل المالك عن اليمين المعروضة عليه لم ترد اليمين على الراكب، والزارع؛ لأنهما لا يدعيان حقاً عل المالك حتى يثبتا باليمين، وإنما يدعيان الإعارة، وليست هي حقًّا لازماً على المعير.
وعن أبِي الحُسَيْنِ رمز إلى أنها ترد ليخلص من الغرم، ولو صدقنا الراكب