والزارع، فهذا حلف على نفي الإجارة كفاه، وبرئ، وإن نكل رد اليمين على المالك، واستحق بيمينه المسمى؛ لأن اليمين المردودة كالبينْة، أو كالإقرار، وأيهما كان يثبت به المسمى. فيه وجه ضعيف: أنه يستحق أجرة المثل؛ لأن الناكل ينفي أصل الإجارة فيقع المدعي على إثباته.
القسم الثاني: أن يقع الاختلاف قبل مضي مده لمثلها أجرة، بل عقب العقد، والقول الراكب مع يمينه، فهذا حلف على نفي الإجارة سقط دعوى الإجارة، وردت اليمين إلى المالك، فإن نكل حلف المالك اليمين المردودة، ويستحق الأجرة وإنما لم يجئ القولان في هذه الصورة؛ لأن الراكب لا يدعي لنفسه حقاً، ولم يتلف المنافع على المالك، فالمدعي على الحقيقة هو المالك، وهناك تلفت المنافع تحت يد الراكب بعد القول بإحاطتها، فهو الذي جرَّ الخلاف.
الحالة الثانية: أن تكون الدابة هالكة، فإن تلفت عقب الأخذ قبل أن يثبت لمثلها أجرة فالراكب يقر بالقيمة، والمالك ينكرها، ويدعى الأجرة، فتخرج على خلاف ما تقدم في أن اختلاف الجهة هل يمنع الأخذ؟ وإن قلنا: نعم سقطت القيمة برده، والقول قول من رد الأجرة فيه الطريقان المذكوران في الحالة الأولى.
وإن قلنا: لا، فإن كانت الأجرة مثل القيمة، أو أقل أخذها بلا يمين، وإن كانت أكثر أخذ قدر القيمة، وفي المصدق في الزيادة الخلاف السابق.
وقوله في الكتاب:"فالقول قول الركب" معلم -بالميم والزاي.
وقوله:"والقول قول المالك" معلم -بالحاء- ولا يخفي عليك بعد ما ذكرنا في لفظ الكتاب في المسألة "وإن كان مطلقا" فالمراد القسم الأول من الحاله الأولى.
المسألة الثانية: إذا قال المتصرف: أعرتني هذه الدابة والأرض وقال المالك؛ بل غصبتنيها، فإن لم تمضي مدة لمثلها أجرة، فلا معنى لهذه المنازعة؛ إذ لم تفت العين، ولا المنفعة، ويرد المال إلى المالك، وإن كان النزاع بعد مضي مده لمثلها أجرة.
نقل المزني أن القول قول المستعير، وللأصحاب فيه ثلاثة طرق:
أظهرها: أن الحكم على ما ذكرنا في المسألة الأولى، فيفرق بين الدابة، وبين الأرض على طريق، ويجعلان على قولين في طريق؛ لأن المالك ادعى أجرة المثل هاهنا، كما يدعي المسمى هناك، والأصل براءة الذمة. والثاني: القطع بأن القول قول المالك، بخلاف تلك المسألة لأنهما متفقان على الإذن هناك، وهاهنا المالك منكر له، والأصل عدمه، ومن قال بهذا خطأ المزني في النقل.
قال الشيخ أَبُو حَامِدٍ: لكنه ضعيف؛ لأن الشَّافعي -رضي الله عنه- نص في "الأم" على ما نقله المُزَنِيُّ.