للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه التلف في العرف، وإنما قلنا: إنه أضافه حقيقيه؛ لأن الهلاك قد يضاف إلى السبب فيقال: هلك مال فلان بسعاية فلان، لكنه مجاز بدليل صحة النفي عنه.

وقوله: "إيجاد ما يحصل الهلاك عنده لفظه هاهنا ليست للحصر والمقارنه، وإنما المراد عقيبه، أو ما أشبه ذلك.

وقوله: "إذا كان السبب" إعادة لفظ "السبب" في حد السبب، وتفسيره مما لا يتحسن، ولو طرحه لا نتظم الكلام، والله أعلم.

قال الغزالي: وَلَوْ فَتَحَ رَأْسَ زِقٍّ فَهَبَّتْ رِيحٌ وَسَقَطَ وَضَاعَ فَلاَ ضَمَانَ، لأَنَّ الضَّيَاعَ بِالرِّيحَ وَلاَ يُقْصَدُ بِفَتْحِ الزِّقِّ تَحْصِيِلُ الهُبُوبِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ فَتَحَ الحِرْزِ فَسَرَقَ غَيْرُهُ، أَوْ دَلَّ سَارِقًا فَسَرَقَ، أَوْ بنَيَ دَارًا فَألْقَي فِيَها الرِّيحُ ثَوْباً، أَوْ حَبَسَ المَالِكُ عنِ المَاشِيَةِ حَتَّي هَلَكَتْ فَلاَ ضَمَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا إِذَا نَقَلَ صَبِيًّا حُرًّا إِلىَ مَضْيِعَةِ فَافْتَرَسَهُ سَبُعٌ، وَلَوْ نَقَلَهُ إِلى مَسْبَعَةٍ أَوْ فَتَحَ الزِّقّ. حَتَّي أَشْرَقَتِ الشَّمْسُ وَأَذَابَتْ مَا فِيهِ فَفي الضَّمَانِ خِلاَفٌ؛ لأنَّ ذلِكَ يُتَوَقَّعُ فَيُقْصَدُ، وَكَذلِكَ نَقُولُ: إِذاَ غَضَبَ الأَمُهَّاَتِ وَحَدَثَتِ الزَّوَائِدُ وَالأَوْلاد في يَدِهِ مَضْمُونَةً وَكَاَنَ ذَلِكَ تَسَبُّبًا إِليَ إِثْبَاتَ اليَدِ، وَلَوْ فَتَحَ قَفَصَ طَائِرِ فَوَقَفَ ثُمَّ طَارَ لَمْ يَضَمْنْ لأَنَّهُ مُخْتَارٌ، وإِنْ طَارَ في الحَالِ ضَمِنَ، لأَنَّ الفَتْحَ في حَقِّهَ تَنَفِيرٌ، وَكَذَا البَهِيمَةُ والعَبْدُ المَجْنُونُ المُقَيَّدُ بِمَنْزِلَةَ البَهِيمَةَ، وَإِنْ كَانَ العَبْدُ عَاقِلاً فَلاَ يَضْمَنُ مَنْ فَتَحَ بَابَ السِّجْنِ وَإِنْ كَانَ آبِقَاً، وَلَوْ فَتَحَ رَأَسَ الزِّقِّ فَتَقَاطَرَتَ قطَرَاتٌ وَابْتَلَّ أَسْفَلُهُ وسَقَطَ ضَمَنِ؛ لأَنَّ التَّقَاطُر حَصَلَ بِفِعْلِهِ، وَلَوْ فَتَحَ الزِّقَّ عَنْ جَامَدٍ فَقَرّبَ غَيْرهُ النَّارَ مِنْهُ حَتَّى ذَابَ وَضَاعَ فَالثَّاني بِالضَّمَانِ ولَى، وَقِيلَ: لاَ ضَمَانَ عَلَيْهِمَا.

قال الرافعي: في الفصل مسألتان: (١)

أحداهما: لو فتح رأس زِقٍّ، فضاع ما فيه نظر إن كان مطروحًا على الأرض فاندفق ما فيه بالفتح ضمن، وإن كان منتصبًا لا يضيع ما فيه بالفتح لو بقي كذلك، لكنه سقط نظر إن سقط بفعله بأن كان يحرك الوكاء ويجد به حق أفض إلى السقوط ضمن؛ لأنه والحالة هذه فتح رأسه وأسقطه، وكذلك لو سقط بما يقصد تحصيله بفعله كما لو فتح رأسه فأخذ ما فيه في التقاطر شيئاً فشيئاً حتى أميل أسفله وسقط، ضمن لأن السقوط بالميلان الناشئ من الابتلال الناشئ من التقاطر الناشئ من الفتح وهو مما يقصد تحصيله بالفتح، وإن سقط بأمر عارض من زلزلة، أو هبوب ريح، أو وقوع طائر


(١) لأنه باشر الإتلاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>