للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضمان، وهذا معنى قوله في الكتاب: "وكان ذلك تسببًا إلى إثبات اليد" واستشهد بالمسألة بقوله: "إن ذلك يتوقع فيقصد" ولنطرد هذه القاعدة ذهب بعضهم إلى أنه إذا غصب هادي القطيع، فتبعه القطيع أو البقرة فتبعها العجل يضمن القطيع والعجل (١)، والله أعلم.

قال الغزالي: أَمَّا إِثْبَاتْ اليَدِ فَهَوَ مُضَمَّنٌ، وإِذَا كَانَ عُدْوانًا فَهُوُ غَصْبٌ، والمُودِعُ إِذَا جَحَدَ فَهُوُ مَنْ وَقْتِ الجُحُدِ غَاصِبٌ، وَإِثْبَاتُ اليَدِ في المَنْقُولِ بِالنَّقْلِ إلاَّ في الدَّابَّةِ فَيكْفِي فِيِهَا الرُّكوُبَ (و)، وفِي الفَرَسِ الجُلُوُسِ عَلِيْهِ فَهُوِ غَايَةُ الاستِيْلاَء، وفِي العَقَارِ (ح) يَثْبُتُ الغَصْبُ بِالدُّخُولِ وَإِزْعَاجِ المَالِكِ، وَإِنْ أَزْعَجَ وَلَمْ يَدْخُلْ لَمْ يَضْمَنْ. وَإِنْ دَخَلَ وَلَمْ يُزْعِجُ وَلَمْ يَقِصْدِ الاسْتِيلاَءِ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ قَصَدَ صَارَ غَاصِبًا لِلنِّصْفُ والنِّصْفُ فِي يَدِ المَالِكِ، والضَّعِيْفُ إذا دَخَلَ دَارَ القَوِيَّ وَهُوَ فِيِهَا وَقَصَدَ الاسْتِيلاَءِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لأنْ المَقْصُودَ غَيْرُ مُمْكِنِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ القَوِيُّ فِيِهَا ضَمِنَ لأنَّهُ فِي الحَالِ مُسّتَوْلٍ وأَثَرُ القُوَّةِ في القُدْرَةِ عَلَى الاِنْتِزَاعِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ غَصَبَ قَلَنْسُوَةَ مَلِكٍ ضَمِنَ في الحَالِ.

قال الرافعي: السبب الثالث إثبات اليد العادية ينقسم إلى مباشرة بأن يغصب الشيء، ويأخذه من مالكه، وإلى التسبب وهو في الأولاد وسائر الزوائد، كما مر أن إثبات اليد على الأصول سبب إلى إثباتها على الفروع:

وقوله في الكتاب: "إثبات اليد فهو مضمن" يعني إثبات اليد العادية، كما ذكرنا في أول الركن لا مطلق إثبات اليد.

وقوله: "إذا كان عدواناً فهو غصب" يعني إذا كان عدوانًا بمباشرته، ويمكن أن يحمل قوله: "إن إثبات اليد مضمون" على أنه جهة للضامن في الجملة، فهذا انضمت إليه العدوانية، فهو غصب إما بالمباشرة أو بالتسبب، وهذا أحسن، واللفظ إليه أقرب، لكنه صرح بالأول في "الوسيط" والظاهر أنه أراد هاهنا ما صرح به هناك.

وقوله: "إذا جحد فهو من وقت الجحود غاصب" هذه الصورة وحكمها مذكورة


(١) ولم يعقبه بنكير وأعاد المسألة في السرقة وذكر وجهين من غير ترجيح، وفي "المطلب" أن الأصح الضمان. ويشهد له قول الأصحاب أنه إذا كان بيده دابة، وخلفها ولدها فأتلف شيئاً، ضمنه كما يضمن ما تتلفه أمه، فلو لم يكن في يده لم يضمنه. قال في "المطلب": والذي يظهر فيما إذا غصب أم النحل، فتبعها النحل أنه يضمن وجهًا واحداً لاطراد العادة تبعية لها. وقال الشيخ زكريا في "أسنى المطالب". وما استشهد به لا شاهد فيه لجواز حمله على ما إذا وضع يده على الولد كما هو الغالب بقرينة ما نظر به.

<<  <  ج: ص:  >  >>