للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما يتعلق باللفظ، فقدله: "وكل يد تبتني" على هكذا يوجد في الأكثر، ويقرأ لكن الابتناء متعد كالبناء، فالوجه أن يقال: ابتنت وقد تستعمل اللازمه الأبتناء، فيمكن أن تراعى الصورة، ويقرأ ابتنت وقوله: "تقرير ضمان" يعني بصفة الاستقرار.

وأما عند الجهل، فهو يد ضمان، وفي صفة الاستقرار التقضيل.

وقوله: "اقتضت أصل الضمان" ينبغى أن يكون الضمان هاهنا مفسرًا باستقرار اليد عليه إذا حصل التلف في يده، ثم البدل القيمة تارة، والثمن أخرى، وهذا لأن الشراء معدود من أيدي الضمان، فليكن التفسير ما يشمل الشراء، والكلام في تفصيل ما يضمن المشتري من الغاصب، وسائر ما يناسبه يأتي في الفصل الثالث من الباب الثاني، إن شاء الله تعالى، والقرض معدود من أيدي الضمان.

ولو وهب المغصوب من إنسان، فتلف في يده، فالقرار على الغاصب في أحد القولين؛ لأن يد الاتهاب ليست يد ضمان، وعلى المتهب في أصحهما؛ لأنه أخذه للتمليك. قيل: هو كالمودع.

ومنهم: من قطع بأنه لا يطالب؛ لأن كون الزوجة في حبالة الزوج ليس ككون المال في يد صاحب اليد. قال في "التهذيب": وهو المذهب.

قال الغزالي: وَمَهْمَا أَتْلفَ الآخِذُ مِنَ الغَاصِبِ فَالقَرَارُ عَلَيْهِ أَبَدًا، إِلاَّ إِذا كَانَ مَغْرُورًا، كَمَا لَوْ قَدَّمِ إِلَيْهِ ضِيَافَةً فَفِيهِ قَوْلاَنِ لِمُعَارَضَةِ الغُرُورِ وَالمُبَاشَرَةِ، وَكَذَا الخِلاَفُ فِيمَا لَوْ غَرَّ الغَاصِبُ المَالِكَ وَقدَّمَهُ إِلَيْهِ فَأَكَلَهُ المَالِكُ، وَهَاهُنَا أَوْلَيِ بأَنْ يَبْرَأَ الغَاصِبُ، وَكَذَلِكَ يَطَّرِدُ الخِلاَفُ في الإيِدَاعِ وَالرَّهْنِ وَالإِجَارَةِ مِنَ المَالِكِ إِذَا تَلَفَ في يَدِهِ، وَلَوْ زَوَّجَ الجَارَيةَ مِنَ المَالِكِ فَاسْتَولَدَهَا مَعَ الجَهْلِ نَفَذَ اَلاستيلادُ وِبَرئَ الغَاصِبُ، وَكَذلِكَ لَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّ التَّسْليِطَ تَامٌّ، وَلَوْ قَالَ: هُوَ عَبْدَي فَأَعْتِقْهُ فَقَدْ قِيلَ: لاَ يَنْفُذُ عتْقُهُ لأَنَّهُ مَغْرُورٌ، وَقِيلَ: يَنْفُذُ وَيَرْجعُ بالغُرْمِ، وَقِيلَ: لاَ يَرْجعُ بِالغُرْمِ.

قال الرافعي: عرفت حكم قرار الضمان عند تلف المغصوب في يد من ترتبت يده على يد الغاصب، أما إذا أتلفه، فينظر إن استقل به قرار الضمان عليه؛ لأن الإتلاف أقوى من إثبات اليد العادية، فإن حمله الغاصب عليه، كما إذا غصب طعامًا، فقدمه إلى إنسان ضيافة حتى أكله، فالقرار عليه أيضاً، إنْ كان عالماً، وإن كان جاهلًا، فقولان:

أحدهما: أن القرار على الغاصب؛ لأنه غَرَّهُ، حيث قدم الطعام إليه، وأوهم أنه لا تبعة فيه، ويروى هذا عن القديم، وبعض كتب الجديد.

وأصحهما: وهو المشهور من الجديد.

<<  <  ج: ص:  >  >>