للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجب ردها. وإن غصبت من مسلم وجب ردها، إن كانت محترمة، وإلاَّ لم يجز، بل أريقت لحديث أَبِي طَلْحَةَ في خمور الأيتام (١)، وآلات الملاهي، كالبَرْيط والطَّنبُور وغيرهما، وكذلك الصليب والصنم لا يجب في إيصالها شيء أصلاً؛ لأنها محرمة الاستعمال، ولا حرمة لتلك الصنعة والهيئة.

واختلفوا في الحد المشروع لإبطالها على وجهين:

أحدهما: أنها تُكسر وتُر حتى تنتهي إلى حد لا يمكن إيجاد آلة محرمة منها لا الأولي ولا غيرها.

وأظهرهما: أنها لا تكسر الكسر الفاحش، ولكنها تفصل، وفي حد التفصيل وجهان:

أحدهما: أنها تفصل قدر مالا تصلح للاستعمال الحرام، حتى إذا رفع وجه البَرْيط، وترك على شكل قصعة كفى.

والثاني: أنها تفصل إلى حد لو فرض إيجاد ألة محرمه من مفصلها لنال الصانع التعب الذي يناله في ابتداء الإيجاد، وهذا بأن يبطل تأليف الأجزاء كلها، حتى تعود كما كانت قبل التأليف، ويشبه أن يكون هذا أقرب إلى كلام الشَّافعي -رضي الله عنه- وعامة الأصحاب، وما ذكرنا من الاقتصار على تفصيل الأجزاء فيما إذا تمكن المحتسب منه.

أما إذا منعه من في يده، وكان يدفع عن المنكر، فله إبطاله بالكسر.

وحكى الإمام وِفَاقَ الأَصحاب على أن قطع الأوتار لا يكفي؛ لأنها مجاورة لها منفصلة.

وتوقف في شيئين تفريعاً على وجه المبالغة في الكسر:

أحدهما: في الصفائح التي توجد في يد من يصنع تلك الآلاتِ؛ لأن من بالغ في الكسر، عند حصول الهيئة المحظورة قد لا يرى تلك المبالغة في الابتداء.

والثاني: في الصليب؛ لأنها خشبة معروضة على خشبة؛ فإذا رفعت إحداهما عن الأخرى، فلا معنى للزيادة عليه.

إذا عرفت ذلك، فمن اقتصر في إبطالها على الحد المشروع، فلا شيء عليه، ومن جاوزها، فعليه التفاوت بين قيمتها مكسورة إلى الحد المشروع، وبين قيمتها منتهية إلى الحد الذي أتى به، وإن أحرقها، فعليه قيمتها مكسورة إلى الحد


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>