للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المشروع (١)، ولنعد إلى ما يتعلق بلفظ الكتاب. قوله "وهو كل مال معصوم".

ظاهره يقتضى حصر ما يجب ضمانه في الأموال، وقد عرفت من التقسيم السابق أن الأحرار مضمونون أيضاً، وكأنه أراد ما يجب ضمانه بالأسباب المذكورة في أول الباب، وحينئذ يخرج الأحرار؛ لأنهم لا يضمنون باليد العادية، وإن كانوا مضمونين، وأشار بالعصوم إلى أن عصمة المال شرط في وجوب الضمان، فلا يضمن مال الحربي.

وقوله: "حتى العبد يضمن عند التلف والإتلاف -أقصى قيمته" -معلّم بالحاء؛ لأن أبا حَنِيْفَةَ لا يوجب أقصى قيمة المماليك على ما بينته في موضعه.

وقوله: "إذا قلنا: جرح العبد مقدار" إشارة إلى قوله الجديد.

وقوله: "لا يضمن إلاَّ أرش النقضان" معلم بالواو.

وقوله: "ولا يجب في عين البقرة والفرس" بالحاء والألف، لما ذكرنا، والقصد بما ذكرنا التعرض لمذهبهما، وإنما ذهبا إليه لأثر فيه عن الصحابة -رضي الله عنهم- وتأويله عندنا أن الأرض في الواقعة كان قدر الربع.

وقوله: "لذمي" معلم بالحاء وقوله "ولكن" يجب ردهًا يجوز إعلامه بالواو، كما تقدم في فصل التحليل في "كتاب الرَّهْن".

وقوله: "وإن أريقت، فلا ضمان" ضرب تأكيد وبينه على أن لا يضمن الخمر مع المنع من إراقتها، وإلاَّ فقوله: "لا يضمن الخمر لذمي" يفيد النفي الكلي، وإذا ذكره، فلا بأس بإعادة إعلامه بالحاء.

وقوله: "وكذا الملاهي إذا كسرت" يعني الكسر المشروع، ولفظ في "المستولدة" معلم بالحاء وإتلاف الخمر، وإبطال منفعة الملاهي يخرج عما يضمن بقوله في أول الركن: "وهو كل مال معصوم" والله أعلم.


(١) قال النووي: قال الغزالي في "البسيط": أجمعوا على أنه لا يجوز إحراقها؛ لأن رضاضها متمول. ومما يتعلق بهذا الفصل، أن الرجل، والمرأة، والعبد، والفاسق، والصبي المميز، يشتركون في جواز الإقدام على إزالة هذا المنكر وسائر المنكرات، ويثاب الصبي عليها كما يثاب البالغ، ولكن إنما تجب إزالته على المكلف القادر. قال الغزالي في "الإحياء": وليس لأحد منع الصبي من كسر الملاهي وإراقة الخمور وغيرهما من المنكرات، كما ليس له منع البالغ، فإن الصبي وإن لم يكن مكلفًا، فهو من أهل القُرب، وليس هذا من الولايات، ولهذا يجوز للعبد والمرأة وآحاد الرعية، وسيأتي ذلك مبسوطًا مع ما يتعلق به في كتاب "السّير" إن شاء -الله تعالى-. بنظر الروضة ٤/ ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>