توجيه مذهبه بأنه تسبب إلى تفويت تلك الزيادة بإدامة اليد العادية.
قال: وهذا يجده القياس منقاساً.
القسم الثاني: أن يكون النقصان في كليهما، فالجزء التالف مضمون بقسط من أقص القيم من يوم الغصب إلى التلف، والنقصان الحاصل بتفاوت السوق في الباقي المردود غير مضمون.
مثاله: غصب ثوباً قيمته عشرة، وانخفض السوق، فعادت قيمته إلى درهم، ثم لبسه، فأبلاه حتى عادت إلى نصف درهم يرده خمسه دراهم؛ لأن بالاستعمال والإبلاء تنسحق أجزاء من الثوب، وتلك الأجزاء، والصورة هذه نصف الثوب لانتهاء قيمته إلى نصف درهم، بعد ما كانت قبل الاستعمال درهماً، فيغرم النصف بمثل نسبته من أقصى القيم، كما يغرم الكل عند تلفه بالأقصى، ولو كانت القيمة عشرين، وعادت بانخفاض السوق إلى عشرة، ثم لبسه وأبلاه، حتى عادت إلى خمسة لزمه مع رده عشرة، ولو كانت عشرة، وعادت بانخفاض السوق إلى خمسة، ثم لبسه، وأبلاه حتى عادت إلى درهمين، لزمه مع رده ستة؛ لأنه تلف بالإبلاء ثلاثة أخماس الثوب، فيغرمها بثلاثة أخماس أقصى القيم.
وذكر الشيخ أبُو عَلِيٍّ أن بعض من شرح "المولدات" أخطأ في هذه الصورة؛ فقال: يلزمه ثلاثة؛ لأنها الناقصة بالإبلاء، ولا عبَرة بالخمسة التي هي نقصان السوق، وقياس قول هذا القائل أن يلزمه في الصورة الأولى، وهي المذكورة في الكتاب نصف درهم، وفي الثانية خمسة دراهم، ولو غصبه وقيمته عشرة، فاستعمله أولاً حتى عادت بالإبلاء إلى خمسة؛ ثم انخفض السوق فعادت قيمته إلى درهمين، فرده يلزمه مع الرد الخمسة الناقصة بالإبلاء، ولا يغرم النقصان الحاصل في السوق في البالي الباقي، ولو غصب ثوباً قيمته عشرة، ولبسه وأبلاه حتى عادت القيمة إلى خمسة، ثم ارتفع السوق، فبلغت قيمته، وهو بالٍ عشرة، فظاهر كلام ابْنِ الحَدَّادِ أنه يغرم مع رد الثوب عشرَة لأن الباقي من الثوب نصفه، وهو يساوي عشرة، فلو بقي كله لكان يساوي عشرين، فيغرم عشرة للتالف.
واختلف الأئمة فيه فساعده بعضعهم، وخالفه الجمهور على انقسامهم إلى مغلط ومؤل، وقالوا: لا يغرم مع رده إلاَّ الخمسة الناقصة بالاستعمال، ولا عبَرة بالزيادة الحاصلة بعد التلف، أَلاَ تَرَىَ أنَّه لو تلف الثوب أكله، ثم زادت القيمة لم يغرم تلك الزيادة.
قال الإمام والصفات كالأجزاء في ذلك كله، حتى لو غصب عبداً صانعاً قيمته مائة، فنسي الصنعة، وعادت قيمته إلى خمسين، ثم ارتفع السوق، فبلغت قيمته ناسياً