مائة، وقيمة مثله إذا أحسن تلك الصنعة مائتين، لا يغرم مع رده إلاَّ خمسين.
واعلم أن الجواب في صور إبلاء الثوب كلها مبني على أن أجره مثل المغصوب لازمه، مع أرش النقصان الحاصل بالاستعمال، وهو الأصح وقد مَرَّوجه آخر أنَّه لا يجمع بينهما، فعلى ذلك الوجه الجواب لزوم أكثر الأمرين من المقادير المذكورة، أو أجره المثل، ولو اختلف المالك والغاصب في قيمة الثوب الذي أبلاه أنها متى زادت، فقال المالك: زادت قبل الإبلاء، فاغرم التالف بقسطه منها، وقال الغاصب: بل زادت بعده قال ابْنُ سُرَيْجٍ: المصدق الغاصب؛ لأنه غارم، كلما لو تلف كله، واختلفا في أن القيمة زادت قبل التلف أو بعده.
وأما القسم الثالث، وهو أن يكون النقصان في شيء من الأجزاء أو الصفات بعدها فيوضحه المسائل الآتيه على الأثر والله أعلم.
أحدهما: ما لا سرايه له، فعلى الغاصب أرشه، ورد الباقي لا فرق في ذلك بين أن يكون الأرش قدر القيمة، كما في يدي العبد، أو دونها، ولا بين أن يفوت معظم منافعه، أو يفوت، ولا بين أن يبطل بالجناية عليه الاسم الأول وألاَّ يبطل.
قال أَبُو حَنِيْفَةَ: إذا كان الواجب قدر القيمة، أو فوت الغاصب معظم منافعه بجنايته، كما لو مزق الثوب المغصوب خرقاً، أو شَقَّهُ طولاً أو كسر قوائم الدابة، أو بعضها لم يكن للمالك أن يغرمه شيئاً إلاَّ أن يترك المغصوب إليه، وكذا لو ذبح الشاة، أو صبغ الثوب بما لا يقبل بعده لوناً آخر، وهو السواد، قال: فإذا تصرف بما أبطل الأسم الأول ملك، وغرم قيمته، ولا سبيل للمالك إلى أخذه منه، وهذا كما إذا غصب حِنْطَةً فطحنها، أو دقيقاً فخبزه، أو شاة فذبحها وشواها، أو صفراً واتخذه آنية، أو ثوباً فخاط منه قميصاً، وساعدنا في قطع أذن الدابة، وإحدى يدي العبد، وما أشبهها أنه يأخذ الباقي، ويغرمه الأرش.