للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شاء الله تعالى- وإذا كان الجاني غير الغاصب، وغرمناه المقدر من القيمة، وكان النقص أكثر من ذلك المقدر، فعلى الغاصب ما زاد على المقدر، فإن المقدر أكثر مما نقص من القيمة، فهل يطالب الغاصب بالزيادة على ما نقص من القيمة؟

ذكرنا فيما إذا سقطت يده بآفة أن الأصح أنه لا يطالب وهاهنا الظاهر أنه يطالب، والقرار على الجانى، وترددوا فيما إذا قطعت يده قصاصاً، أو حدّاً؛ لأنه يشبه السقوط بآفة من حيث إنه تلف بلا بدل، ويشبه الجناية من حيث حصوله بالأختيار، فإن اجتمعت جناية المغصوب، والجناية عليه، كما إذا قتل العبد المغصوب إنساناً، ثم قتله في يد الغاصب إنسان، فللمغصوب منه أن يقتص، ويسقط به الضمان عن الغاصب، ويبطل حق ورثة من قتله المغصوب؛ لأن العبد الجانى إذا هلك، ولم يحصل له عوض يضيع حق المجني عليه، نعم لو كان المغصوب قد نقص عند الغاصب بعروض عيب بعد ما جنى، فلا يبرأ الغاصب من أرش النقصان، ولولى من قتله التمسك به وإن عرض عيب قبل جنايته، فاز المغصوب منه بالأرش؛ لأن الجزء المقابل للأرش كان مقصوداً عند الجناية، ولو لم يقتص المغصوب منه، بل عفا على المال، أو كانت الجناية موجبة للمال، فحكم تغريمه وأخذه المال على ما مر في الجناية عليه من غير جناية منه، ثم إذا أخذ المال كان لورثة من جنى عليه عبده التعليق به؛ لأنه بدل الجاني على مورثهم، فإذا أخذوه رجع المغصوب منه على الغاصب مرة أخرى؛ لأنه أخذ منه بسبب جناية مضمونة عليه، ويسلم له المأخوذ (١) ثانياً على ما مر نظيره والله أعلم بالصواب.

قال الغزالي: وإِذَا نَقَلَ الغَاصِبُ التُّرَابَ مِنْ أَرْضِ المَالِكِ فَعَلَيْهِ رَدُّ التُّرَابِ بِعَيْنِه أَوْ رَدُّ مِثْلِهِ اوِ الأَرْشُ لِتَسْوِيَةِ الحَفْرِ، وَالبَائِعُ إِذَا قَلَعَ أَحْجَارَهُ يَكَفِيهِ تَسْوِيةُ الحَفْرِ وَلاَ يَلْزَمُهُ الأرْشُ، وَقِيِلَ في المَسْئَلَتَيْنَ قَوْلاَنِ بِالنَّقُلِ وَالتَّخْرِيجِ، وَالاكْتِفَاءُ بالتسويةِ في المَوضعَيْنِ أَوْلَى فَإنَّهُ لاَ يَتَفَاَتُ، بِخِلاَفِ بِنَاءِ الجِدَارِ بَعْدَ هَدْمِهِ، وَلَيْسَ لِلغَاصِبِ أَنْ يَنْقُلَ التُّرَابَ إِلَى


(١) قال النووي: ومما يتعلق بالفصل، لو وثب العبد المغصوب فقتل الغاصب، وهرب إلى سيده، فإن كانت الجناية عمداً، قال الصَّيمري: إن عفا ورثة الغاصب عن القصاص والدية، سقط الضمان عن الغاصب في المال. وإن قتلوه، لزمهم قيمة العبد في التركة، وكأنهم لم يسلّموه، وكذا لو طلبوا الدية من رقبته. وإن قتل المغصوب سيده وهو في يد الغاصب، فالصحيح الذي قطع به الشيخ أبو حامد أن الورثة المالك أن يقتصوا منه وإذا قتلوه استحقوا قيمتها على الغاصب. وحكى في "البيان" وجهاً: أن جنايته تكون هدراً. لو صال العبد المغصوب أو الجمل المغصوب على رجل، فقتله المصول عليه للدفع، فلا ضمان عليه، ويجب ضمانه على الغاصب، ولا يرجع على المصول عليه. ينظر روضة الطالبين ٤/ ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>