للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع آخر: مرض العبد المغصوب، ثم برئ، وزال أثر المرض لا شيء عليه مع رده.

وفيه وجه بعيد: أنه يضمن النقص الحاصل بالمرض، ولا يسقط عنه بالبرئ، وكذا الحكم فيما لو رده مريضاً، ثم برئ، وزال الأثر.

فرع آخر: غصب شجرة فتحات ورقها، ثم أورقت أو شاة فجز صوفها، ثم نبت غرم بالأول، ولا ينجبر بالثاني، بخلاف ما لو سقط سن الجارية المغصوبة، ثم نبت أو انمعط شعرها، ثم نبت يحصل الانجبار قاله في "التهذيب" لأن الورق والصوف متقومان، فيغرمهما وسن الجارية وشعرها غير متقومين، وإنما يغرم أرش النقص الحاصل بفقدانها، وقد زال والله أعلم بالصواب.

قال الغزالي: وَلَوْ غَصَبَ عَصِيراً فَصَارَ خَمْراً ضَمِنَ مَثْلَ العَصِيرِ لِفَواتَ المَالِيَّةِ، وَلَو صَارَ خَلاًّ فَالأَصَحُّ أنَّهُ يُرَدُّ مَعَ أَرْشِ النُّقْصَانِ إِنْ كَانَ الخَلُّ أَنْقَصَ قِيْمَةً، وَقِيْلَ: يُغَرَّمُ مِثْلُ العَصِيرِ، وُيرَدُّ الخَلُّ وَهُوَ رِزْقٌ جَدِيدٌ كَالسَّمْنِ العَائِدِ، وَكَذَا الخِلاَفُ فيِ البَيْضِ إِذَا تَفَرَّخَ، وَالبِذْرِ إِذَا زُرعَ، وَالأَصَحُّ الأكْتِفَاءُ بِهِ فَإنَّهُ اسْتِحَالَة إلَى زَيادَةٍ، وَلَوْ غَصَبَ خَمْراً فَتَخَلَّلَ فيِ يَدِهِ، أَوْ جِلْدَ مَيْتَةَ فَدَبَغَهُ فَالأَصَحُّ أَنَّ الخَلَّ (ح) وَالجِلْدَ لِلمْغَصْوُبِ مِنْهُ، وَقِبلَ: بَل للْغَاصِبِ فَإنَّهُ حَصَلَ بِفِعْلِهِ مِمَّا لاَ مِالِيَّةِ لِلمالِكِ فِيهِ.

قال الرافعي: في باقي الفصل مسألتان:

إحداهما: إذا غصب عصيراً، فتخمر عنده كان للمغصوب منه تضمينه، مثل العصير لفوات المالية، وذكروا أن على الغاصب إراقة الخمر، فلو جعلت محترمة، كما لو تخمرت في يد المالك من غير قصد التخميرية لكان جائزاً، ولو تخللت في يد الغاصب فوجهان:

أصحهما: أن النحل للمالك وعلى الغاصب أرش النقصان، إِن كانت قيمة النحل أنقص.

والثاني: أنه يغرم مثل العصير؛ لأنه بالتخمير كالتالف، وعلى هذا ففي الخل وجهان:

أحدهما: أنه للغاصب، كما لو غصب الخمر، فتخللت في يده يكون الخل للغاصب على وجه.

وأظهرهما: أنَّه للمالك؛ لأنه فرع ملكه، ويجوز أن يكون الخل له، ولا يسقط الضمان اللازم قبل التخلل، كما في السمن العائد على أحد الوجهين، ويجرى هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>