للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قطع في السمن بعدم الانجبار، وخص الخلاف بالصورة الثانية، وحكاه في "التهذيب" عن صاحب "التلخيص".

وإذا قلنا: بالأنجبار، فلو لم تبلغ القيمة بالعائد إلى القيمة الأولى، ضمن ما بقى من النقصان، وانجبر ما وراءه بما عاد، ويجري الخلاف فيما إذا كسر الحُلى، والإناء المغصوبين، ثم أعاد تلك الصنعة (١).

ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب: "وجهان" -بالواو- للطريقة القاطعة بعدم الأنجبار، بعود السمن وبالانجبار في تذكر الصنعة، وإن كان الكمال من وجه آخر بأن نسي صنعه، وتعلم أخرى أو أبطل صنعة الإناء، وأحدث صنعة أخرى، فلا انجبار بحال، وعلى هذا لو تكرر النقصان، وكان الناقص في كل مرة مغايراً للنوع الناقص في المرة الأخرى ضمن الكل، حتى لو غصب جارية قيمتها مائة، فسمنت، وبلغت القيمة ألفاً، وتعلمت صنعة، فبلغت القيمة ألفين، ثم هزلت، ونسيت الصنعة، فعادت قيمتها إلى مائة يردها ويغرم ألفاً وتسعمائة (٢)، ولو علم العبد المغصوب سورة من القرآن، أو حرفة فنسيها، ثم علمه، حرفة، أو صورة أخرى فنسيها أيضاً ضمنها، وإنْ لم تكن مغايرة، كما إذا علمه سورة واحد، أو حرفة واحدة مراراً، وهو ينساها في كل مرة.

فإن قلنا: لا يحصل الانجبار بالعائد، ضمن النقصان كل مرة.

وإن قلنا: يحصل ضمن أكثر المرات نقصاناً، والله أعلم.

فرع: لو زادت قيمة الجارية بتعلم الغناء، ثم نسيته.

نقل القاض الروياني عن النَّص أنه لا يضمن النقصان؛ لأنه محرم والمضمون الزيادة المحترمة (٣).

وعن بعض الأصحاب: أنه يغرمه، ولهذا لو قتل عبداً مغنياً يغرم قيمتة.

قال: وهو الأختيار.


(١) لأن ذلك أقصى قيم الذاهب منها. وقضية كلامه أنه لو تذكر الصنعة في يد المالك انجبرت أيضاً حتى يسترد منه الغاصب الأرض. قال في "المطلب": وهو الذي يظهر. قال الأسنوي: وسكت يعني صاحب "صاحب المطلب" عن تعلمها وفيه نظر، والمتجه فيه عدم الأسترداد.
(٢) بالبناء للمفعول في يد الغاصب.
(٣) قال النووي: الأصح المختار: هو النص. وقد تقدم في فصل كسر الملاهي: أنه لا ضمان في صنعتها؛ لأنها محرمة، وهذا لا خلاف فيه. وقد نص القاضي حسين وغيره، على أنه لو أتلف كبشاً نطَّاحاً، أو ديكاً هرَّاشاً، لزمه قيمته بلا نطاح ولا هراش؛ لأنها محرمة. ينظر روضة الطالبين ٤/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>