قال الرافعي: الزيادة في المغصوب تنقسم إلى آثار محضة وإلى أعيان:
أما القسم الأول: فالقول الجملي فيه أن الغاصب لا يستحق بتلك الزيادة شيئاً لتعديه، ثم ينظر إن لم يمكن رده إلى الحالة الأولى رده بحاله، وأرش النقص، وإن نقصت قيمته، وإن أمكن رده إلى الحالة الأولى، فإن رضي به المالك لم يكن للغاصب رده إلى ما كان، وعليه أرش النقص، إن كان فيه نقص إلاَّ أن يكون له غرض في الرد إلى الحالة الأولى، فله الرد، وإن ألزمه الرد إلى الحالة الأولى لزمه ذلك، وأرش النقص إن نقص عما كان قبل تلك الزيادة.
إذا تقرر ذلك، فمن صور هذا القسم طحن الحنطة، وقصارة الثوب، وخياطته، وضرب الطين لبناً، وذبح الشاة وشَيّها، ولا يملك الغاصب المغصوب بشيء من هذه التصرفات، بل يردها مع أرش النقص، إن نقصت القيمة وقد ذكرنا خلاف أَبِي حَنِيْفَةَ، وإنما تكون الخياطة من هذا القسم إذا خاط بخيط المالك.
أما إذا كان الخيط للغاصب فستأتى نظائرة -إن شاء الله تعالى- في الطحن والقصارة والذبح والشيء لا يمكن الرد إلى ما كان، وكذا في شَقِّ الثوب وكسر الإناء، ولا يجبر على رفو الثوب، وإصلاح الإناء؛ لأنه لا يعود إلى ما كان بالرفو والإصلاح، وعن مالك: أنه يجبر عليها، كما في تسوية الحفر، ولو غزل القطن المغصوب رد الغزل وأرش النقص إن نقص، ولو نسج الغزل المغصوب، فالِكْربَاس للمالك مع أرش النقص، إن فرض مقص، وليس للمالك إجباره على نقضه، إن كان لا يمكن رده إلى الحالة الأولى ونسجه ثانياً، وإن أمكن كالخز فله إجباره عليه، فإن نقضه ونقصت قيمتة عن قيمة الغزل في الأصل غرمه ولا يغرم ما كان قد زاد بالنسيج، وفات بالنقص؛ لأن المالك أمره بذلك، فإن نقض من غير إذن المالك ضمنه أيضاً، ولو غصب نقرة، وضربها دراهم صاع منها حليّاً، أو غصب نحاساً أو زجاجاً، واتخذ منه إناء فإن رضي المالك رده كذلك، لم يكن له رده إلى الحالة الأولى إلاَّ أنْ يكون ضرب الدراهم بغير إذن السلطان، أو على غير عياره؛ لأنه حيئنذ يخاف التعبير، وحيث مُنع من الرد إلى ما