للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان فخالف، غرم للنقصان الحاصل بزوال الصنعة الحاصلة عند الغصب، ولو أجبره المالك على رده إلى ما كان لزمه للرد فإذا، امتثل لم يغرم النقصان الحاصل بزوال الصنعة، لكن لو نقص عما كان بما طرأ أو زال غرمه.

قال الغزالي: وَلَوْ غَصَبَ ثَوْياً قَيمتُهُ عَشَرَةٌ وصَبَغَهُ بِصَبْغٍ قِيْمتُهُ عَشَرَةٌ فَصَارَتْ قَيِمَة الثُّوبِ عِشْرِينَ فَهُمَا شَرِيكَانِ، فَيُبَاعُ وُيقَسَّمُ الثَّمَنُ بَينَهُمَا، فَإِنْ وِجُدَ زُبُونٌ يَشْتَرِي بِثَلاَثيِنَ صُرِفَ إِلَي كُلِّ واحِدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنْ عَادَ الثَّوبُ إِلَى خَمْسَةَ عَشَرَ بِالصَّبْغِ حسِبَ النُّقْصَانُ عَلىَ الصَّبْغِ، وَإِنْ عَادَ إِلَي ثَمَانِيَةِ ضَاعَ الصَّبْغُ وَغُرِّمَ الغَاصِبُ دِرْهَمَينِ، وَكَذَا القَوْلُ فيِ ثُبوتِ الشَّرِكَةِ إِذَا طَيَّرَ الرِّيُحِ الثَّوْبَ إِلَى إِجَّانَةِ صَبَّاغٍ، أَوْ صبَغَ الثَّوْبِ المغْصُوب بِصَبْغِ مغَصْوب مِنْ غَيْرهِ، فَإِنْ قَبِلَ الصَّبْغُ الفَصْلَ أُجْبِرَ الغَاصِبُ عَلىَ فَصْلِهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلىَ قَلْعِ الزَّرْعِ وَالغِراسِ وَالبِنَاءِ وَإِنْ نَقَصَ زَرْعُهُ بِهِ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لاَ يُجبَرُ عَلىَ فَصلِ الصَّبغِ إنْ كَانَ يَضِيعُ بالفَصْلِ أو لاَ تَفِيِ قَيِمتُهُ بِمَا يَحْدُثُ فيِ الثَّوْبِ من نُقْصَانٍ بسَبَبِ الفَصْلِ، وَمَهْمَا طُولِبَ بِالفَصْلِ وَكَانَ يَسْتَضِرُّ بِهِ فَلَوْ تَركَهُ عَلىَ المَالِكِ أُجْبِرَ عَلىَ قَبُولِه فيِ وَجْهٍ كَالنَّعْلِ فيِ الدَّابَّةِ المَرْدُودَة بِالعَيْبِ، وإنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيهِ ضَرَرٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ الإِجْبَارُ عَلىَ القَبُولِ، وَلَوْ بَذَلَ المَالِكُ قِيمَةَ الصَّبغِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أنْ يَتَملَّكَ عَلَيْهِ الثَّوْبُ للِخَلاَص مِنَ الشَّرِكَةِ سَهُلَ، بِخِلاَفِ المعُيِرِ يَتَمَلَّكُ بِنَاءَ المُسْتَعيرِ بِبَدَلٍ لأَنَّ بَيْعَ العَقَارِ عَسِيِرٌ، وَمَهْمَا رَغَبَ المَالِكُ فيِ بَيْعِ الثَّوبِ أُجْبِرَ الغَاصِبُ عَلىَ بَيْعِ الصَّبْغِ لِيَصِلَ كُلُّ وَاحِدِ إِلَى الثَّمَنِ، فإنْ رَغِبَ الغَاصِبُ فَفيِ إِجْبَارِ المَالِكِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: القسم الثاني: الأعيان، فمن صورة صبغ الثوب المغصوب، ونقدم عليه صورتين مقصودتين في نفسهما، ويحتاج إليهما في مسألة الصبغ:

إحداهما: إذا غصب أرضاً، وبنى فيها أو غرس أو زرع، كان لصاحب الأرض أن يكلفه القلع.

قال صلى الله عليه وسلم: (لَيْسِ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ) (١) وعن أَحْمَدَ: أنَّه لا يكلف


(١) أخرجه أبو داود ٣/ ١٧٨، في الخراج والإمارة والفئ: باب إحياء الموات (٣٠٧٣)، والترمذي في ٣/ ٦٦٢، في كتاب الأحكام: باب ما ذكر في إحياء أرض الموات (١٣٧٨)، وقال حديث حسن غريب والبيهقي في السنن ٦/ ٩٩، ١٤٣، ١٤٨، والطبراني في الكبير ١٧/ ١٤، وابن أبي شيبة ٧/ ٤٧، وأخرجه عن عروة مرسلاً مالك في مالك في الموطأ ٢/ ٧٤٣، في الأقضية: باب القضاء في عمارة الموات (٢٦)، وأبو داود في المصدر السابق (٣٠٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>