القسم الأول: إذا لم يمكن فصله عنه، فعن صاحب "التقريب" حكاية قول عن القديم أنه يفوز به صاحب الثوب تشبيهاً له بالسمن.
والمذهب المشهور أنه ليس له ذلك، لكن قضية الشركة بين المالك والغاصب؛ لأنه عين مال له انضم إلى ملك المغصوب منه، بخلاف السمن، وبخلاف القصارة والطحن ونحوهما، فإنهما آثار محضة، وحينئذ ينظر إن كانت قيمة الثوب مصبوغاً مثل قيمته، وقيمة الصبغ قبل الصبغ، كما إذا كانت قيمة الثوب عشرة وقيمة الصبغ عشرة، وهو يساوي بعد الصبغ عشرين، فهو بينهما بالسوية حتى لو وجدا راغباً باعاه منه بثلاثين إلى كل واحد خمسة عشرة وإن عادت قيمة الثوب المصبوغ فهي بينهما وإن نقصت قيمته مصبوغاً عن قيمتهما بأن عاد الثوب مصبوغاً وللتصوير كما سبق إلى خمسة عشرة، أطلق الأكثرون بأن النقصان محسوب من الصبغ؛ لأن الأصل هو الثوب والصبغ، وإن كان عيناً، كالصفة التابعة للثوب، فيكون الثوب المصبوغ بينهما أثلاثاً الثلثان للمغصوب منه، والثلث للغاصب.
وفي "الشامل" و"التتمة" أنه إن كان النقصان لانخفاض سوق الثياب، فالنقصان محسوب من الثوب، وإن كان لانخفاض سوق الأصباغ، فمن الصبغ وكذا لو كان النقصان بسبب العمل؛ لأن صاحب الصبغ هو الذي عمل، ويمكن أن يكون إطلاق من أطلق منزلاً على هذا التفصيل، وإن كانت قيمتة بعد الصبغ عشرة انمحق الصبغ، ولا حق فيه للغاصب، وإن تراجعت القيمة، وكان الثوب مصبوغاً يساوي ثمانية، فقد ضاع الصبغ، ونقص من الثوب درهمان، فيرده مع درهمين، وإن زادت قيمة الثوب مصبوغاً عن قيمتها قبل الصبغ، بأن بلغت ثلاثين في الصورة المذكورة، فمن أطلق الجواب في النقصان أطلق القول هاهنا بأن الزيادة بينهما على نسبة ماليهما، ومن فصل قال: وإن كان ذلك لارتفاع سوق الثياب، فالزيادة لصاحب الثوب، وإن كان لارتفاع سوق الأصباغ، فهي للغاصب، وإن كان للعمل والصنعة، فهي بينهما؛ لأن كل واحد منهما قد زاد بالصنعة والزيادة الحاصلة بفعل الغاصب، إذا استندت إلى الأثر المحض تسليم للمغصوب منه.
القسم الثاني: إذا أمكن فصله من الثوب، فعن صاحب "التقريب" نقلاً عن القديم أنَّه إنْ المفصول لا قيمة له، فهو كالسمن.
والمذهب أنه ليس كالسمن؛ وأنه لا يفوز به المغصوب منه، وهل يملك إجبار الغاصب على فصله فيه وجهان.
أحدهما: نعم، كما يملك إجباره على إخراج الغِرَاس، ويحكى هذا عن ابْنِ خَيْرَانَ وأَبِي إسحاق في الزيادات على الشرح.