والثاني: لا، وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ لما فيه من الضرر، بخلاف الغِرَاس، فإنه لا يضيع بالإخراج، ولأن الأرض بالقلع تعود إلى ما كانت، والثوب لا يعود، ولأن الأشجار تنتشر عروقها وأغصانها، فيخاف ضررها في المستقبل، وهذا أظهر عند أصحابنا العراقيين.
وقال صاحب "التهذيب": طائفة: الأول أصح، وكذا ذكره الإمام، وحكى قطع المراوزة به، وأن موضع الوجهين ما إذا كان الغاصب يخسر بالفصل خسراناً بيناً، وذلك قد يكون لضياع المنفصل بالكلية، وقد يكون لحقارته بالأضافة إلى قيمة الصبغ، ومن جملة الضياع أن يحصل في الثوب نقصان بسبب الفصل لا يفي بأرشه قيمة المفصول، ولو رضي المغصوب منه بإبقاء الصبغ، وأراد الغاصب فصله، فله ذلك إن لم ينتقص الثوب، وإن انتقص.
قال الإمام: يبنى على الخلاف في أن المغصوب منه هل يجبره على الفصل؟
أن قلنا: لا لم يفصله.
وإن قلنا: نعم فله ذلك، وهو الأظهر، ويحكى الأول عن أبِي الطَّيِّب ابْنِ سَلَمَةِ وإن تراضيا على ترك الصبغ بحاله، فهما شريكان، وكيفية الشركَةِ كما بينَا في القسم الأول، ثم الكلام في فروع:
أحدها: لو ترك الغاصب الصبغ على المالك، ففي إجباره على القبول وجهان.
ووجه الإجبار صيرورته كالصفة التابعة للثوب، وَأيضاً، فإن المشترى إذا أنعل الدابة، ثم اطلع على عيبها، فردها مع النعل لكان يعيبها لو نزع النعل يجبر البائع على القبول، ووجه المنع القياس الظاهر، ويدل عليه أنه لا جبر على قبول البناء والغِرَاس إذا تركه الغاصب.
وذكر القاضى الروياني أن الأول ظاهر المذهب، لكن الثَّانِي أقيس وأشبه، ويخالف مسألة النعل؛ لأن الغاصب متعّدٍ، والمشتري غير متعّدٍ على أنه لو ألحق بما إذا صبغ المشتري الثوب، بما زاد في قيمتة، ثم اطلع على عيبه، فرده مسامحاً بالصبغ لكان أقرب لما مَرّ من أن الصبغ يصير ملكًا للبائع.
فأما في مسألة النعل، فإنه يجبر على قبول النعل، وفي دخول النعل في ملكه اختلاف مذكور في موضعه.
وذكر الإِمَامُ في الفرع شيئين:
أحدهما: أن في موضع الوجهين طريقين:
أحدهما: أنهما مطردان فيما إذا أمكن فصل الصبغ، وفيما إذا لم يمكن.