قال الرافعي: إذا خلط الزيت المغصوب بغيره، لم يخل إما أن يتعذر التمييز بينهما، أو لا يتعذر، إن تعذر، فإما إن يكون ذلك الغير من جنسه أو لا يكون.
إن كان من جنسه كالزيت والزيت والحنطة والحنطة، نظر إن خلطه بأجود من المغصوب، فالنص أنه كما لو هلك (١) حتى يتمكن الغاصب من أن يعطيه قدر حقه المخلوط، ونص في التفليس فيما إذا خلطه بالأجود، ثم فلس على قولين:
أحدهما هذا حتى لا يكون للبائع إلاَّ المضاربة بالثمن.
والثاني: أنهما شريكان في المخلوط، ويرجع البائع إلى حقه منه، واختلف الأصحاب على طريقين:
أظهرهما: إثبات القولين في الغصب أيضاً، وجه جعله هالكاً تعذر رده، والوصول إليه، وأيضاً فإن قلنا بالشركة لاحتجنا إلى البيع، وقسمة الثمن بينهما، كما سيأتي، فلا يصل المالك إلى عين حقه، ولا إلى مثله مع وجود العين، والمثل أقرب إلى حقه من الثمن، ووجه الشركة القياس على مسألة الصبغ، على ما إذا اختلط الزيتان بنفسهما أو برضا المالكين، وأيضاً فلو غصب صاعاً من هذا، وخلطهما وجعلناهما هالكين، ينتقل الملك فيهما إلى الغاصب، وذلك يملك التعدى.
(١) وقال السبكي: والذي أقوله وأعتقده، وينشرح صدري له أن القول بالهلاك باطل؛ لأن فيه تمليك الغاصب مال المغصوب منه بغير رضاه، بل بمجرد تعديه بالخلط. وقال الزركشي: إذا قلنا إنه كالتالف ويملكه الغاصب فلا يصرف فيه وهو محجور عليه فيه حتى يعطي المالك بدله. وقال الخطيب: وقصة إطلاق الشيخين -رحمهما الله- أن خلط الدراهم بمثلها بحيث لا يتميز هلاك هو كذلك كما قاله بعض المتأخرين وهو أوجه من قول ابن الصباغ وغيره أنهما يشتركان، والفرق بأن كل درهم متميز في نفسه، بخلاف الزيت ونحوه منقضي بالحبوب.