والطريق الثاني القطع بالقول الأول والفرق أنا إذا لم نثبت الشركة هناك، لا يحصل للبائع تمام حقه بل يحتاج إلى المضاربة وهاهنا يحصل للمالك البدل، وإن خلطه بمثله، ففيه الطريقان، وطريق ثالث هو القطع بالشركة؛ لأن في إثبات الشركة اتصال المالك، إلى بعض حقه بعينه، وإلى بدل بعضه من غير زيادة تقوم على الغاصب، فكان أولى من أتصاله إلى بدل الكلّ.
وحكى ذلك عن ابْنِ سُرَيْجٍ وأبى إسحاق، وإن خلطه بأردأ منه فالنص أنه كالهالك أيضاً، ويجيء فيه الطريقان المَذكوران في الأجود، ولكن المنصوص في "التفليس" والحالة هذه ليس إلاَّ قول الشركة وذكرنا أن بعضهم خرج غيه قولاً آخر يمكن أن يكون مخرجاً من نصفه هاهنا، ويكون في الصورتين قولان بالنقل والتخريج من الطريقين ويمكن أن يكون قول الهلاك في الأردأ مخرجاً من توجيهه في الأردأ فإن الشَّافعي -رضي الله عنه- قال الذائب إذا اختلط انقلب حتى لا يوجد عين ماله على ما مَرّ.
وأذ اختصرت قلت في الخلط المطلق ثلاثة أوجه.
ثالثهما، الفرق بين أن خلط بغير المثل، فيكون المغصوب هالكاً، وبالمثل فيشتركان.
التفريع: إن جعلنا الاختلاط كالهلاك، فللغاصب أن يعطيه المثل من غير المخلوط، وله أن يعطيه منه إذا كان بالمثل، وكذا لو خلطه بالأجود؛ لأن المخلوط خير من المغصوب، وليس له أن يعطيه قدر حقه من المخوط إذا خلط بالأردأ إلاَّ إذا رضي المالك، وإذا رضي فلا أرش له كما إذا أخذ الرديء من موضع آخر.
وإن حكمنا بالشركة، فإن خلط بالمثل، فقدر زنته من المخلوط، وإن خلط بالأجود، كما إذا خلط صاعاً قيمته درهم بصاع قيمته درهمان، نظر إن أعطاه صاعاً من المخلوط، أجبر المالك على قبوله, لأن بعضه من حقه، وبعضه خير منه، وإلاَّ فيباع المخلوط، ويقسم الثمن بينهما أثلاثاً فإن أراد قسمه عين الزيت على نسبة القيمة، فالظاهر أنه لا يجوز, لأنه يكون قد أخذ ثلثي صاع لجودته في مقابلة صاع، وهو رِبَا، عن رواية الْبَويْطِيىِّ أنه يجوز، وبنى ذلك على أن القسمة إفراز حق، لا بيع.
وفي المسأله وجه أنه يكلف الغاصب تسليم صاع من المخلوط؛ لأن اكتساب المخلوط صفة الجودة بالخلط، كزيادة متصله تحصل في يد الغاصب، وإن خلط بالأردأ، كما إذا خلط صاعاً قيمته درهمان بصاع قيمته درهم، أخذ المالك من المخلوط