صاعاً مع أرش النقصان؛ لأن الغاصب متعدّ، بخلاف ما إذا خلط المشتري بالأردأ، وأفلس فإن البائع إما أن يقنع بصاع من المخلوط، أو يضارب مع الغرماء، فإن اتفقا على بيع المخلوط، وقسمة الثمن أثلاثاً جاز، وإن إراد قسمة عين الزيت على نسبة الثمنين.
فمنهم من جعله على الخلاف المذكور في طرف الأجود.
ومنهم من قطع بالمنع, لأنه أمكن الرجوع إلى صاع منه مع الأرش، ولا حاجة إلى احتمال القسمة المشتملة على التفاضل.
وخلطة الخل بالخل، واللبن باللبن كخلط الزيت بالزيت، وإذا خلط الدقيق بالدقيق.
فأن قلنا: إنه مثلي، وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ، منه كخلط الزيت بالزيت أيضاً.
وإن قلنا: إنه متقوم.
فإن قلنا: إن المختلط هالك، فالواجب على الغاصب القيمة.
وإن قلنا: بالشركة فيباع ويقسم الثمن بينهما على قدر القيمتين، فإن أراد قسمة الدقيق على نسبة القيمتين والخلط بالأجود أو الأردأ. فهو على ما ذكرنا في قسمة الزيت المخلوط، وإن كان الخلط بالمِثلِ، فالقسمة جائزة إن جعلناها إفرازاً، وإن جعلناها بيعاً لم تجز؛ لأن بيع الدقيق بالدقيق لا يجوز، هذا إذا كان الخلط بالجنس.
أما إذا خلط المغصوب بغير جنسه، كما لو خلط زيتاً بشيرج أو ذهن بانٍ (١). أو دهن جَوْزٍ، أو خلط دقيق حنطة بدقيق شعير، فالمغصوب هالك لبطلان فائدته، وخاصيته باختلاط غير الجنس به، بخلاف الجيد مع الردئ.
ومنهم من جعله على السابق، ووجه ثبوت الشركة ما لو خلطا بالرضا، وهذا ما اختاره صاحب "التتمة" هاهنا أيضاً.
وقال: إن تراضيا على بيع المخلوط، وقسمة الثمن جاز، وإن أراد قسمته جاز، وكان المغصوب منه باع ما يضمن في يد الغاصب من الزيت، بما يصير في يده من الشِّيرج.
قال الإمام، وألحق الأصحاب بخلط الزيت بالشِّيرجِ لَتّ السَّوِيْقِ بالزَّيْتِ، وهو بعيد وإنما هو كصبغ الثوب، وهذا في الخلط الذي يتعذّر معه التمييز فإن لم يتعذر التمييز وجب عليه التمييز والفصل بالالتقاط، وإن شق سواء خلط بالجنس كالحِنْطَةِ
(١) ألبان شجر معروف ودهن ألبان منه. ينظر المصباح ١/ ٩٢.