للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخِياطَة. والذي أجاب به الأكثرون أن المُرْتَدَّ غير محترم، فينزع الخيط منه، وكذا الحَرْبِيُّ.

وخرج صاحب "التتمة" فيما إذا خاط به جرح الزاني المحصن، أو المحارب على الخلاف فيما إذا خاط به جرح معصوم فمات؛ لأن تفويت روحه مستحقة، فألحق بالميت، ويبني على التفصيل المذكور في جواز غَصْبِ الخيط ابتداء ليخاط به الجرح، إذا لم يوجد خيط حلال، فحيث حكمنا بالنَّوعِ لا يجوَز الغَصْب، وحيث قلنا: لا ينزع يجوز، وإلى هذا أشار بقوله في الكتاب: "إذ يجوز الغَصْبُ بمثل هذا القَدْر ابتداءً" والله اعلم بالصواب.

قال الغزالي: وَلَوْ أَدْخَلَ فَصِيلاً في بَيْتِهِ أَوْ دِينَاراً في مَحْبَرَتِهِ وَعَسُرَ إِخْرَاجُهُ كُسِرَ عَلَيْهِ تَخْلِيصاً لِلمَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِفْعِلِهِ فَالأظْهَرُ أَنَّ المُخَلِّصَ مَا لَهُ يُغَرَّمُ أَرْشَ النَّقْصِ، وَإِنْ غَصَبَ فَرْدَ خُفِّ قِيمةُ الكُلِّ عَشَرَةَ وَقِيمَةُ الفَردُ ثَلاثةُ ضَمِنَ سَبْعَةَ؛ لأَنَّ البَاقِي ثَلاَثةٌ، وَقِيلَ: ثَلاَثَةً لأنَّهُ المَغْصُوبُ، وَقِيلَ: خَمسَةً كَمَا لَوْ أَتْلَفَ غَيْرَهُ الفَرْدَ الآخَرَ تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا.

قال الرافعي: فرعان:

أحدهما: فصيل رجل حصل في بيت آخر، ولم يمكن إخراجه إلاَّ بنقص البناء فينظر إن كان بتفريط من صاحب البيت بأن غصبه، وأدخله فيه نقض، ولم يغرم صاحب الفصيل شيئاً، وإن كان بتفريط من صاحب الفيصل، فإذا نقص البناء غرم أَرش النقض، وإن دخل الفصيل بنفسه نقض أيضاً، وهل على صاحب الفصيل أرش النقض.

قال العراقيون: نعم، وهو ظاهر المذهب؛ لأنه إنما نقض لتخليص مِلْكِهِ، وذكر الإمام، وصاحب الكتاب فيه خلافاً، ووجه المنع أنه لا تفريط من أحد، والاخراج لابد منه لحرمة الروح، وإنما ينتظم هذا إذا كان الفرض فيما إذا خِيْفَ هلاكه لو لم يخرج.

ولو وقع دينار في مِحبَرَةٍ، ولم يخرج إلاَّ بكسرها، إن وقع فيها بفعل صاحب المَحْبَرةِ عمداً أو سهواً كسرت، ولا غرم على صاحب الدينار، وإن وقع بفعل صاحب الدينار فعلية الأَرْش، وإن وقع من غير تفريط من أحد كسرت، وعلى صاحب الدينار الأرش، وأجرى صاحب الكتاب في وجوب الأرش الخلاف المذكور في الصورة الأولى لكن التوجيه الذي مر لا يجيء هاهنا.

وقال ابن الصَّبَّاغ: إذا لم يفرط واحد منهما، وضمن صاحب المِحْبَرَة الدينار ينبغي أن يقال: لا تكسر المحبرة لزوال الضرر بذلك، وهذا الاحتمال عائد في صورة البيت والفَصِيلِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>