في أرْشِ الافْتِضَاضِ إنْ كانت بكراً، وعدم الرجوع به أظهر؛ لأنه بدل جزء منها أتلفه، فأشبه ما لو قطع عضواً من أَعْضَائِها.
وفي "التهذيب" أن الخلاف فيه مبني على أنه يفرد عن المهر، أم لا؟ إن افراده لم يرجع به، وإلاَّ رجع. وأما المنافع التي فَاتَتْ تحت يده، ولم تستوفها.
فإن قلنا: يرجع بضمان ما استوفاه، فضمانها أولى.
وإن قلنا: لا يرجع هناك فوجهان:
أصحهما: الرجوع أيضاً؛ لأنه لم يتلف، ولا شرع في العقد على أن يضمنها.
والثاني: لا يرجع تنزيلاً للتلف تحت يده منزلة الإتلاف.
الرابعة: إذا غرم قيمة الولد عند انعقاده حرًّا رجع به على الغاصب؛ لأنه شرع في العقد على أن يسلم الولد حرًّا من غير غرامة، ولم يوجد منه تفويت.
وعن الأستاذ أبي إسحاق الإسْفِرَاييْني طريقة أُخرى في "شرح الفروع" أن الرجوع بها كالرجوع بالمهر؛ لأن نفع حرية الولد تعود إليه.
والمشهور الأول وأرش نقصان الولادة، قطع العراقيون بأنه يرجع به، وعن غيرهم خلاف. قال الإمام: وسبيله سبيل النقصان الحاصل بسائر الآفات السماوية، فيجيء فيه ما ذكرناه من الخلاف السابق، ولو وهب الجارية المغصوبة، فاستولدها المتهب جاهلاً بالحال، وغرمه قيمة الولد، ففي الرجوع بها وجهان:
وجه الفرق أن الواهب متبرع، والبائع ضامن سلامة الولد له بلا غرامة.
الخامسة: إذا بني المشتري، أو غرس في الأرض المغصوبة، فجاء المالك، ونقض بنائه، وغرسه هل يرجع بأرش النقصان على الغاصب؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا كما لا يرجع بما أنفق على العمارة، وكأنه بالبناء متلف ما له.
وأظهرهما: نعم لشروعه في العقد على ظن السلامة، وإنما جاءه هذا الضرر من تغرير الغاصب، وهذا ما ذكره العراقيون، وقد ذكرنا طرفاً من المسألة في "الضمان" وذكر في "التهذيب" أن القياس ألا يرجع على الغاصب بما أنفق على العمارة، وما أدرى من خراج الأرض: لأنه شرع في الشراء على أن يضمنها.
السادسة: لو زوج الغاصب الجارية المغصوبة، فوطئها الزوج جاهلاً بالحال غرم مهر المثل للمالك، ولا يرجع به على الغاصب؛ لأنه شرع فيه على أن يضمن المهر، ويخالف ما إذا غَرَّ بحرية أمة، وغرم المهر حيث يرجع على الغار على أحد القولين، لأن النكاح ثَمَّ صحيح، والبُضْعُ مملوك له، فإذا فسخ اقتضى الفسخ استرداد ما بذل له