الماء، لكنه ضعيف لا يرفع الحدث كطهارتها، ولا يخفى بعد هذا الشَّرْحِ معنى قوله:"إن جوزنا فلا تستفيد بالمسح إلا ما كان يحل لها" إلى آخره، لكن ظاهر لفظه لا يتناول إلا ما إذا أحدثت قبل أن تُصلِّي الفريضة بطهارتها، فإنها حينئذ تَحِلُّ لها فريضة ونوافل، لو بقيت طهارتها الأولى، أما إذا أحدثت بعد أن تصلي الفريضة، فلا يحل لها، لو بقيت تلك الطهارة إلا النّوافل، والوافي بحكم الحَالَتَيْنِ على النظم الذي ذكره أن يقال في آخره، وهو فريضة واحدة، ونوافل أو نوافل.
أحدها: أن يكون ساترًا لمحل فَرْضِ الغسل من الرِّجْلَيْنِ، فلو كان دون الكعبين لم يَجُزِ المسح عليه؛ لأن فرض الظاهر الغسل، وفرض المستور المسح، ولا صائر إلى الجمع بينهما، فيغلب حكم الغسل، فإنه الأصل، ولهذا لو لبس أحد الخُفَّيْنِ لم يَجُزِ المسح له، ولو كان الخُفُّ مُتَخَرِّقًا. ففيه قولان:
القديمِ وبه قال مالك: إنه يجوز المسح عليه ما لم يتفاحش الخرق، لأنه مما يغلب في الأسْفَارِ، حيث يتعذَّر الإصلاح، والخرز فالقول بامتناع المسح يضيق باب الرخصة، فوجب أن يسامح، وعلى هذا فما حد الفاحش منه.
قال الأكثرون: ما دام يتماسك في الرجل، ويتأتى المشي عليه، فهو ليس بفاحش، وقال في "الإفصاح": حده ألا يبطل اسم الخُفِّ، والقول الجديد: أنه لا يجوز المسح عليه قليلاً كان التَخَرُّق، أو كثيراً، لأن بعض محل الفرض غير مستور، ومواضع الخرز التي تَنْسَدُّ بالخيوط أو ينضم لا عبرة بها، فإن لم تكن كذلك، وظهر منها شيء لم يَجُزِ المسح أيضاً، ولو تخرقت الظّهارة (١) وحدها، أو البِطَانَة وحدها جاز المسح؛ إن كان ما بقي صَفِيقاً، وإلا فلا يجوز في أظهر الوجهين، وعلى هذا يقاس ما إذا تخرَّقَ من الظّهارة موضع، ومن البطانة موضع لا يحاذيه، والخف المشقوق القدم إذا شد منه محل الشق بالشَّرج إن كان يظهر منه شيء، مع الشد فلا يجوز المسح عليه، وإن لم يظهر منه شيء فَوَجْهَان:
(١) الظهارة بالكسر ما يظهر للعين، وهي خلاف البطانة، انظر المصباح المنير (٢/ ٥٣٠).