للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا بالقول الثاني، ففي موضعه وجهان:

أحدهما: أنه إنما يأخذ بثمن مؤجَّل إذا كان مليئاً موثوقاً به، أو إذا أعطى كفيلاً مليئاً، وإلاَّ لَمْ يأخذه؛ لأنه إضرار بالمشتري، وبهذا قال مَالِكٌ وأَحْمَدُ.

والثاني: أن له الأخذ على الإطلاق، ولا ينظر إلى صفته، ولو أخذه ثم مات حَلَّ عليه الأجل.

وإن قلنا بالقول الثالث، فتعين العرض إلى الشفيع، وتعديل القيمة إلى من يعرفها، ذكره الإمام، قال: فلو لَمْ يتفق طلب الشفعة، حتى حَلَّ الأجل وجب ألاَّ يطالب على هذا القول إلاَّ بالسِّلْعَة المعدلة؛ لأن الاعتبار في قيمة عوض المبيع بحال المبيع أَلاَ ترى أنه إذا باع بمتقوّم تعتبر قيمته يوم البيع؟ وعلى القولين الآخرين لو أخر الشفيع بطل حَقُّهُ.

قال الغزالي: وَلَوْ اشْتَرَي شِقْصاً وَسَيفْاً بِألْفٍ أخَذَ (م) الشِّقْصَ بِمَا يَخُصُّهُ مِنَ الثَّمَنِ بَاعْتِبَارِ قِيمَةِ يَوْمِ العَقْدِ، ثُمَّ لاَ خِيَارَ للِمُشْتَرِي فِيما فَرَّقَ عَلَيْهِ مِنَ الصَّفْقَةِ.

قال الرافعي: إذا اشترى الشقص المشفوع مع عرض كثوب وسيف صفقه واحدة، وزع الثمن عليهما باعتبار قيمتها، وأخذ الشفيع الشقص بِحصَّته من الثمن، وبه قال أبُو حَنِيْفةَ وأحْمَدَ.

وعن مَالِكٍ أنه يأخذهما جميعاً، لما ذكرنا في أوَّل الكتاب، ويروى عنه إن كان من مصالح الصفقة، وتوابعها كالثيران وآلات الحرث والعبد العامل، والبستان أخذه الشفيع مع الشقص، وإن كان غير ذلك لم يأخذه، ثم النظر في قيمتها إلى يوم البيع؛ لأنه وقت المقابلة.

قال الإمام: وإذا قلنا: إن الملك ينتقل بانقطاع الخيار، فيجوز أن يعتبر انقطاع الخيار؛ لأن انتقال الملك الذي هو سبب الشفعة حينئذ يحصل، وإذا أخذ الشفيع الشقص لم يثبت للمشتري الخيار، وإن تفرَّقت الصفقة عليه لدخوله فيها عالماً بالحال.

قال الغزالي: وَلَوْ تَعَيَّبَتِ الدَّارُ بِاضْطِرَابِ سَقْفِها أَخَذَ المَعِيبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ كَمَا يأْخُذُ المُشْتَرِي مِنَ البَائِعِ إِذَا عَابَ المَبِيعَ قَبْلَ القَبْضِ، وَإِنْ تَلَفَ الجِدَارُ مَعَ بَعْضِ العَرَصَةِ بِأَنْ تَغَشَّاهُ السَّيْلُ أَخَذَ البَاقِي بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ بَقِي تَمَامُ العَرَصَةِ وَاحْتَرَقَتِ السُّقُوفُ، فإنْ قُلْنا: إِنَّهَا كأَطْرَفِ العَبْدِ أُخِذَ (م) بِالكُلَّ، وإِنْ قُلْنَا: كأَحَدِ العَبْدَيْنِ أُخِذَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ النَّقْضُ بَاقِياً فَهُوَ مَنْقُولٌ فَفِي بَقَاءِ الشُّفْعَةِ فِيهِ قَوْلاَنِ (و) لأَنَّهُ لَوْ قَارَنَ الابْتِدَاءَ لَمْ يَتَعَلْق بِهِ الشُّفْعَةُ، وإِنْ قُلْناَ: إِنْ نَبْقَى حَقُّ الشَّفِيَعِ فِيهِ فَيَأخُذُ المُنْهَدِمِ مَعَ النَّقْضِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>