والرابع: أن يكون العلم به من حيث الجزئية، لا من حيث التقدير، فلو قال: لك من الربح، أو لي منه درهم أو مائة، والباقي بيننا بالسَّويَّه فسد القراض؛ لأنه ربما لا ربح إلاَّ ذلك القدر، فيلزم اختصاص أحدهما بكل الربح، وكذا لو قال: لك نصف الربح سوى درهم، وكذا لو شرط أن يوليه سلعة كذا إذا اشتراها برأس المال؛ لأنه ربما لا يربح إلاَّ عليها، وكذا لو شرط أنه يلبس الثوب الذي يشتريه، ويركب الدابة التي يشتريها؛ لأن القراض جوز على العمل المجهول بالعوض المجهول للحاجة، ولا حاجة إلى ضم ما ليس من الربح إليه، ولأنه ربما ينقص بالاستعمال، ويتعذر عليه التصرف فيه. ولو شَرَطَا اختصاص لو أحدهما بربح صنف من المال، فسد أيضًا لأنه ربما لا يحصل الربح إلاَّ فيه وكذا لو شرط أحد الألفين لهذا، وربح الألف الثاني لهذا، وشرط أن يكون الألفان متميزين، ولو دفعهما إليه، ولا تمييز وقال: ربح أحد الألفين لي، وربح الآخر لك، فعن بعض الأصحاب أنه يصح، ولا فرق بينه وبين أن يقول: نصف ربح الألفين لك.
والأظهر، ويحكي عن ابْنِ سُرَيْجٍ أنه فاسد؛ لأنه خصصه بربح بعض المال، فأشبه ما إذا كان الألفان متميزين، وما إذا دفع إليه ألفًا على أن يكون له ربحها ليتصرف له في ألف آخر.
قال الرافعي: القِراضُ والمُضَارَبَة والمُعَامَلَة ألفاظ مستعملة في هذا العقد، وإذا قال: قارضتك، أو ضاربتك، أو عاملتك على أن الربح بيننا كذا كان إيجابًا صحيحًا، ويشترط فيه القبول على التواصل المعتبر في سائر العقود.
ولو قال: خذ هذه الدراهم، واتَّجِرْ عليها على أن الربح بيننا كذا.
ففي "التهذيب" أنه يكون قِراضًا، ولا يفتقر إلى القبول، وهذا حكاه الإمام عن القاضي الحُسَيْنِ ثم قال: وقطع شيخي والطبقة العظمى من نقلة المذهب أنه لا بد من القبول بخلاف الجُعالَةِ والوكالة فإن القراض، عقد مُعَاوَضَة يختص بمعين، فلا يشبه الوكالة التي هي إذن مجرد، والجعالة التي يتهم فيها العامل، فإن قال: قارضتك على أن نصف الربح لي، وسكت عن جانب العامل فوجهان:
أحدهما: أنه يصح، ويكون النصف الآخر للعامل؛ لأنه الذي يسبق إلى الفهم منه، ولهذا قال ابْنُ سُرَيْجٍ.