للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: لا يجوز؛ لأن المسح ضعيف فلا يجوز إذا كان هناك حائل؛ لانضمام ضعف إلى ضعف، وعلى هذا القول لو تَخَرَّق الخفان تحت الجرموقين نظر، إن كان عند التخرُّق على طهارة لبس الأسفل مسح على الأعلى؛ لأنه صار أصلاً بخروج ما تحته عن أن يمسح عليه، وإن كان محدثاً في تلك الحالة لم يمسح على الأعلى كما لو ابتدأ اللبس على الحدث؛ وإن كان على طَهَارة المسح، وذلك إذا جوزنا إدخال اليد بينهما، والمسح على الأسفل منهما ففي جواز المسح على الأعلى وجهان، كما ذكرنا في التفريع على القديم -والله أعلم-.

ولو لبس الجُرْمُوق في إحدى الرِّجْلين، واقتصر في الأخرى على الخف وأراد المسح على جرموق وخف، فلا شك أنه يمتنع ذلك على الجديد، وعلى القديم يبنى على المعاني الثّلاثة إن قلنا: الجرموق بدل البَدَل لم يجز ذلك؛ لأن إثبات البدل في إحدى الرجلين يمتنع كما يمتنع المسح في إحدى الرجلين والغسل في الأخرى، وقد ذكرنا أنه لو مسح على الجُرْموقين ثم نزع أحدهما لا يلزمه شيء على رأى، ويستدام حكم المسح على جُرْمُوقٍ وخف، والفرق على هذا أن الأمر في الاستدامة أقوى ألا يرى أن اعتراض العدّة والرّدّ في دوام النَكِّاح لا تبطله، بخلاف ما في الابتداء.

وإن قلنا: هما كطاقتي خف يجوز له المسح على الجرموق والخف الآخر، كما لو لبس خُفَّينِ لأحدهما طاقة واحدة وللآخر طَاقَتان. فإن قلنا: الأسفل كاللّفافة فوجهان:

أحدهما: لا يجوز كما لو لبس خفًّا ولف على الرجل الثَّانية لفافة.

وأصحهما: الجواز، لأنه إنما ينزل منزلة اللّفافة إذا كان مستوراً، فأما إذا كان بادياً فهو مستقل بنفسه بدل عن الرجل بخلاف ما لو نزع أحد الجرموقين يجب نزع الكل على ذلك التقدير؛ لأنه يلبس الجرموق، والمسح عليه صار الأسفل لفافة -والله أعلم-.

قال الغزالي: النَّظَرُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ المَسْحِ وَأَقَلُّهُ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاسْمُ مِمَّا يُوَازِي مَحَلَّ الفَرْضِ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الأَسْفَلِ فَظَاهِرُ النَّصِّ مَنْعُهُ، وَأَمَّا الأكْمَلُ فَأَنْ يَمْسَحَ عَلَى أَعْلَى الخُفِّ وَأَسْفَلِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَسْفَلِهِ نَجَاسَةٌ، وَأَمَّا الغُسْلُ وَالتَّكرَارُ فَمَكْرُوهَانِ، وَاسْتِيعَابُ الجَمِيعِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ.

قال الرافعي: الكلام في كيفية المسح يتعلّق بالأقل والأكمل، فأما الأقل فيكفي في قدره ما ينطلق عليه اسم المسح خلافاً لأبي حنيفة، حيث قدر الأقل بثلاثة أصابع من أصابع اليد. ولأحمد حيث أوجب مسح أكثر الخف.

لنا أن النصوص متعرضة لمطلق المسح، وإذا أتى بما وقع عليه اسم المسح فقد

<<  <  ج: ص:  >  >>