للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الغزالي: الحُكْمُ الثَّاني -لَيْسَ لِعامِلِ القِرَاضِ أنْ يُقَارِض عَامِلاً آخَرَ بِغَيْرِ إِذْنَ المَالِكِ، وَفيِ صحَّتِهِ بِالإِذْنِ خِلاَفٌ (و) فَإِنْ فَعَلَ بِغَيْرِ الإذْنِ وَكَثُرَتِ التَّصَرُّفَاتُ وَالرِّبْحُ [فَعَلى الجَدِيدِ الرَّبْحُ كُلُّهُ لِلعَامِلِ الأَوَّلِ وَلاَ شَيْء للمَالِكِ]، وَلْلعَامِلِ الثَّاني أَجْرُ مِثْلهِ عِلىَ العَامِلِ الأَوَّلِ إِذِ الرَّبْحُ عَليَ الجَديِدِ لِلغَاصِبِ، وَالعَامِلُ الأَوَّلُ هُوَ الغَاصِبُ الَّذيِ عُقِدَ العَقْدُ لَهُ، وَقِيلَ: كُلُّهُ لِلْعَامِلِ الثاني فإنه الغَاصِبُ، وَعَلَى القَديمِ يُتَّبعَ مُوُجَبُ الشَّرْطِ لِلْمَصْلَحَةِ وَعُسْرِ إِبْطَالِ التصَّرُّفاَتِ وَللمْالِكِ نِصْفُ (و) الرِّبْحِ وَالنِّصْفُ الآخَرُ بَيْنَ العَامِليْنِ نِصُفَيْن (و) كَمَا شَرَطَا، وَهَلْ يَرْجِعُ العَامِلُ الثَّانيِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ مِثْلِه لأنَّه كَانَ طَمِعَ في كُلِّ النِّصْفِ مِنَ الرَّبْحِ وَلَمْ يُسَلَّمْ لَهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

قال الرافعي: إذا قارض العامل غيره (١) لم يَخْلُ إما أن يقارضه بإذن المالك، أو بغير إذنه. أما الحالة الأولى فتتصور على وجهين.

أحدهما: أن ينسلخ العامل من الدَّين، وينتهض وكيلاً في القراض مع الثاني، كأن المالك سلم إليه المال، وإذن له في أن يقارض غيره إن بدا له، فهذا صحيح كما لو قارضه المالك بنفسه (٢)، ولا يجوز أن يشترط الأول لنفسه شيئاً من الربح، ولو فعل فسد القراض، وللثاني أجرة المثل على المالك لما مَرَّ إن شرط الربح لغير المالك، والعامل ممتنع.

والثاني: أن يأذن له في أن يعامل غيره ليكون ذلك الغير شريكاً له في العمل، والربح المشروط له على ما يراه، حكى (٣) الإمام وصاحب الكتاب فيه وجهين:

أحدهما: الجواز كما لو قارض المالك شخصين في الابتداء.

وأشبههما: المنع لأنَّا لو جوزنا ذلك لكان الثاني فرعاً للأول منصوباً من جهته، والقراض معاملة تضيق محال القياس فيها، فلا يعدل بها عن موضوعها، وهو أن يكون أحد المتعاقدين مالكاً لا عمل له، والثاني: عاملاً لا ملك له، وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله في الباب الأول حين ذكر هذه المسألة. "لأن موضع القراض أن يدور بين مالك وعامل". وليكن لفظ الكتاب هنالك معلّماً بالواو.


(١) لأن القراض على خلاف القياس وموضعة أن يكون أحد العاقدين ملكاً لا عمل له والآخر عاملاً.
(٢) محله كما قال ابن الرفعة: إذا كان المال مما يجوز عليه القراض، فلو دفع ذلك بعد تصرفه وصيرورته عرضا، لم يجز. قال الماوردي: ولا يجوز عند عدم التعيين أن يقارض إلا أميناً.
(٣) في م وب حكاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>