للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم لو قارض العامل غيره بمقدار مما شرط له، أما إذا قارض بمقدار ما شرط له كان ذلك على (١) التصوير الأول، وهو جائز بلا خلاف.

الحالة الثانية: أن يقارض العامل بغير إذن المالك فهو فاسد (٢)؛ لأن المالك لم يأذن فيه، ولا ائتمن على غيره ويجيء فيه القول المذكور في أن تصرفات الفُضُوليّ تنعقد موقوفة على الإجازة. وإذا قلنا بالمذهب فلو أن الثاني تصرّف في المال وربح، فهذا ينبني على أن الغاصب إذا اتَّجر في المال. مغصوب ما حكم تصرفه؟ ولمن الربح الحاصل؟. وأما إذا تَصرَّفَ في عين المَغْصُوب، فتصُّرف (٣) الفضولي.

فأما إذا باع سلماً، أو اشترى في الذمة، وسلم المغصوب فيما [التزمه وربح فعلى الجديد: الربح للغاصب؛ لأن التصرف صحيح، والتسليم فاسد]، فيضمن المال الذي سلمه، ويسلم له الربح، وهذا قياس ظاهر.

وعلى القديم: هو للمالك توجيهاً بحديث عُرْوَةَ البَارِقيِّ، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ رأس المال والربح، وبأنا لو جعلناه للغاصب لا تخذه الناس ذَرِيْعَةً إلى الغصب، والخيانة في الودائع، والبضاعات، وأن تصرفات الغاصب قد تكثر، فيتعسر بيع الأمتعة التي تداولتها الأيدي المختلفة، أو يتعذر، وفي هذا القول مباحثات:

أحداها: الجَزْم على هذا القول بإن الربح للمالك، أو نوقفه على إجازته واختياره؟

قيل بالوقف على الإجازة، وبني هذا القول على قول الوَقْف في بيع الفُضُولي، وإنما لم يتعرض الشافعي -رضي الله عنه- للفسخ والإجازة؛ لأن الغالب أنه يجيز إذا رأى الربح، فعلى هذا إذا رده يرتد، سواء اشترى في الذمة، أو بعين المغصوب. وقال الأكثرون: إنه مجزوم به، ومبني على المصلحة، وكيف يستقيم توقيف شراء الغاصب لنفسه على إجازة غيره؟ وإنما يجري قول الوقف إذا تصرف في عين مال الغير أوْ له.

الثانية: إذا كان في المال ربح، وكثرت التصرفات، وعسر تتبعها فهو موضع القول القديم، أما إذا قَلَّت، وسهل التتبع ولا ربح، فلا مجال له.


(١) في ط غير.
(٢) مطلقاً سواء أقصد المشاركة في عمل وربح أو ربح فقط أم قصد الانسلاخ لأن المالك لم يأذن فيه ولم يأتمن على المال غيره كما لو أراد الوصي أن ينزل وصياً منزلته في حياته يقيمه في كل ما هو منوط به، فإنه لا يجوز كما قاله الإمام. قال السبكي: ولو أراد ناظر وقف شرط له النظر إقامة غيره مقامة وإخراج نفسه في ذلك، كان كما في الوصي. قال وقد وقعت هذه المسألة في الفتاوى ولم أتردد في أن ذلك ممنوع.
(٣) في ط: فهو تصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>