قال الإمام وحكى وجهين فيما إذا سمهل التتبع، وهناك ربح أو عسر ولا ربح.
الثالثة: لو اشترى في ذمته، ولم يخطر له أن يؤدي الثمن من الدراهم المغصوبة، ثم سَنَحَ له ذلك. قال الإمام ينبغي ألا يجيء فيه القول القديم أن صدقه صاحب الدراهم. واعلم أن المسألة قد تلقب بمسألة البضاعة، وقد ذكرناها، والاختلاف فيها مر على الاختصار مرة في أول البيع وأخرى في الغَصْب.
إذا تقرر ذلك فعلى الجديد ينظر إن اشترى بعين مال القراض، فهو باطل، وإن اشترى في الذمة، فأحد الوجهين: أن كل الربح للعامل الثاني؛ لأنه المتصرف كالغاصب في صورة الغَصْب.
وأصحهما: وبه أجاب المُزَنِيُّ: أن كله للأول؛ لأن الثاني تصرف للأول بإذنه، فكان كالوكيل من جهته، وعليه للثاني أجرة عليه ويحكى هذا عن أَبِي حَنِيْفَةَ.
وإن قلنا بالقديم، ففيما يستحقُّه المالك من الربح وجهان:
أحدهما: ولم أره إلاَّ في كتاب أبِي الفَرَجِ السَّرْخَسِيِّ: أن كله للمالك، كما في الغَصْب طرداً لقياس هذا القول، وعلى هذا فللعامل الثاني أجرة مثله، وعلى مَنْ تجب؟
حكى فيه وجهان:
أحدهما: أنها على العامل الأول؛ لأنه استعمله وغيره.
والثاني: على المالك؛ لأن نفع عمله عاد إليه.
وأصحهما: وبه أجاب المزني: أن له نصف الربح، لأنه رضي به، بخلاف صورة الغَصْب، فإنه لم يوجد منه رضا به، فصرفنا الكل إليه قطعاً لطمع الغُصَّاب والخائنين، وعلى هذا ففي النصف الثاني وجوه:
أحدها: وهو اختبار ابْنِ الصَّبَّاغِ: أن كله للعامل الأول؛ لأن المالك إنما شرط له، وعقده معِ الثاني فاسد، فلا يتبع شرطه، وعلى هذا فللثاني أُجْرة مثل عمله على الأولِ؛ لأنه غَرَّهُ.
والثاني: أن كله للثاني؛ لأنه العامل، أما الأول فليس له عمل ولا ملك، فلا يصرف إليه شيء من الربح.
وأصحهما، وهو المذكور في الكتاب: أنه يكون بين العاملين بالسَّوية وبه أجاب المزني، ووجهه أن تتبع التصرفات عسير، والمصلحة اتباع الشرط، إلا أنه تعذَّر الوفاء به في النصف الذي أخذه المالك، فكأنه تلف، وانحصر الربح في الباقي، وعلى هذا فهل يرجع العامل الثاني بنصف أجرة المثل؟