أحدهما: نعم؛ لأنه كان قد طمع في نصف الربح بتمامه، ولم يسلم له إلاَّ نصف النصف.
وأشبههما، وبه قال المزني، وأبو إسحاق: لا؛ لأن الشرط محمول على ما يحصل لهما من الربح، والذي حصل هو الربح، والوجهان فيما إذا كان العامل الأول قد قال: على أن ربح هذا المال بيننا، أو على أن لك نصفه.
أما إذا كانت الصيغة على أن ما يرزقنا الله -تعالى- من الربح فبيننا.
قطع الأكثرون بأنه لا يرجع؛ لأن النصف هو الذي رُزِقَاهُ.
وعن الشيخ أبِي مُحَمَّدٍ إجراء الوجهين؛ لأن المفهوم تشطر جميع الربح، ولا يخفى أن جميع ما ذكرناه إذا جرى القراضان على المناصفة، فإن كانا أو أحدهما على نسبة أخرى، فعلى ما تشارطا، وهذا كله فيما إذا تصرف الثاني وربح.
أما إذا هلك المال في يده، فإن كان عالماً بالحال، فهو غاصب أيضاً، وإن كان يظن العامل مالكاً، فترتب يده على يد الأول كترتب يد المودع على يد الغاصب؛ لأنه يد أمانة. وفي طريق هو كالمُتَّهب من الغاصب لعود النفع إليه، وقد بينا الحكم فيهما ضماناً وقراراً من قبل.
وقوله في الكتاب:"وكثرت التصرفات والربح" يشعر باعتيار الأمرين لمجيء الخلاف، وفيه من التردد ما ذكرناه، ثم ليس المراد: وكثر الربح، بل المعنى: وحصل الربح، ومما أشبهه؛ لأن الكثرة في الربح غير معتبرة بالاتفاق.
وقوله:"والعامل الأول هو الغاصب" أي هو الجائز الذي يقع التصرف في المال له، كما يقع في الغَصْب للغاصب. وقوله: وقيل: "كله للعامل الثاني فإنه الغاصب" ليس محمولاً على ما ذكر ما ذكرناه في حق الأول، لكن المعنى به أنه الشبيه بالغاصب من حيث إنه المتصرف في المال بيعاً وشراءً وأخذاً وإعطاءً. وقوله:"وللمالك نصف الربح". وقوله:"بين العاملين" معلَّم -بالواو- لما عرفته.