للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا قلنا بالتحريم ووطئ، فللشيخ أبي محمد تردد في أنه هل يكون ذلك فسخاً للقراض؟ والأظهر المنع، ولا يلزم الحَدّ، وحكم المهر سنذكره، ولو وطئها العامل، فعليه الحد إن لم يكن ربح إن وكان عالمًا (١) وإِلا فَلاَ حَدَّ، ويؤخذ منه جميع المهر، ويجعل في مال القراض؛ لأنه ربما يقع خسران يحتاج إلى الجبر، ولو استولدها لم تصر أم ولد. وإن قلنا: إنه لا يملك بالظهور.

وإن قلنا: يملك ثبت الاستيلاد في نصيبه، ويقوَّم عليه الباقي إن كان موسراً.

ولا يجوز للمالك تزويج جارية القراضِ؛ لأن القراض لا يرتفع بالتزويج، وإنه ينقص قيمتها فيتضرر العامل به.

قال الغزالي: الحُكْمُ الخَامِسُ الزِّيَادَةُ العَيْنِيَّةِ كَالثَّمَرَةِ وِالنِّتَاجُ مَحْسُوبٌ مِنَ الرِّبْحِ وَهُوَ مالُ القِراضِ، وَكَذَا بَدَلُ مَنَافعِ الدَّوَابِّ وَمهْرِ وَطْءِ الجَوَارِي حَتَّى لَوْ وَطِئ السَّيِّدَ كَانَ مُسْتَرِدَاً بِمِقِدْارِ العُقْرِ، وَأَمَّا النُّقْصَانُ فَمَا يَحْصُلُ بِانْخِفَاضِ السُّوقِ أَوْ طَرَيَانِ عَيْبٍ وَمَرَضٍ فَهُوَ خُسْرَانٌ يَجِبُ جَبْرُهُ بِالرِّبْحِ، وَمَا يَقَعُ بِاحِتْراقٍ وَسَرَقةِ به عَيْنٍ فَوَجْهَانِ: أصحُّهمَا أَنَّهُ مِنَ الخُسْرَانِ كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ العَيْنِ مِنَ الرِّبْحِ، وَلَوْ سَلمَ إِلَيْهِ أَلفَيْنِ فَتَلفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيِ شَيْئاً به أَوْ بَعْدَ أَنْ يَشْتَرِيَ كمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَثَلاً وَلَكِنْ قَبْلَ البَيْعِ فَرَأْسُ المَالِ أَلْفٌ أَوْ أَلْفَانِ فِيهِ وَجْهَان وَهُوَ تَرَدُّدٌ فِي أَنَّهُ هَلْ يُجْعَلُ ذَلِكَ مِنَ الخُسْرَانِ وَهُوَ وَاقِعٌ قَبْلَ الخَوْضِ في التَّصَرُفَاتِ؟

قال الرافعي: مقصود الفصل الكلام فيما يقع في مال القراض زيادة أو نقصان.

أما الزيادة فثمرة الشجرة المشتراة للقراض، ونَتِاج البهيمة، وكسب الرقيق، وولد الجارية، ومهرها إذا وطئت بالشبهة (٢) أطلق صاحب الكتاب، والإمام القول بأنها من مال القراض؛ لأنها من فوائده، وكذا بدل منافع الدواب، والأراضي، وذلك قد يجب بتعدي المتعدي باستعمالها، وقد يجب بإجارة تصدر من العامل، فإن له الإجارة إذا رأى فيها المصلحة.

وفصّل في "التتمة" فقال: إن كان في المال ربح، وملَّكنا العامل حصته بالظهور، فالجواب كذلك، وإن لم يكن ربح، أو لم نملكه، فمن الأصحاب من عدها من مال القراض كالزيادات المتصلة. وقال عامتهم: يفوز بها المالك؛ لأنها ليست من فوائد


(١) في ط إنه كان ذلك عالماً.
(٢) طلاق المهر أحسن من تقييده بقوله إذا وطئت بشبهة إذ التقييد به ليس مراداً كما قاله الأذرعي بل يجزىُ في الوطء بالزنا مكرهة أو مطاوعة وهي مما لا يعتبر مطاوعتها أو بالنكاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>