للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره بالمنع؛ لأنه لا زكاة فيها (١).

والضرب الثاني: ما لا ثمرة له كالدُّلْب (٢) والصنوبر، وما أشبههما فلا تجوز

المُسَاقَاة عليها.

وعن الشيخ أبي علي وآخرين أنا إذا جوزنا المساقاة على غير النَّخِل والكرم من الأشجار المثمرة، ففي المساقاة على شَجَرِ الفْرصَاد وجهان تنزيلاً لأوراقها منزلة ثمار الأشجار المثمرة، وكذلك في ضجر الخلاّف لأغصانها التي تقصد كل سنة أو سنتين.

والقسم الثاني: ما لا ساق لها من النبات، فلا تجوز المساقاة عليه، ومنه البِّطِّيْخ، والقِثَّاء، وقصب السكر والباذنجان والبقول التي لا تثبت في الأرض ولا تجزّ إلاَّ مرة.

وأما ما يثبت في الأرض ويجزّ مرة بعد أخرى، نقل صاحب "التتمة" في وجهين:

الأصح المشهور: المنع؛ لأن المساقاة جوزت رخصة على خلاف القياس، فلا تتعدى إلى غير موردها، ومن هذا القبيل الزروع على تنوعها، فلا يجوز أن يعامل على الأرض ببعض ما يخرج من زرعها (٣) على ما سنشرحه في الفصل الذي يلي هذا الفصل. وقوله في الكتاب: "وفيما عداه من الأشجار المثمرة قولان" فيه لفظان "الشجرة" و"الأثمار". أما الأثمار ففي التقييد به بيان أنه إذا لم يكن الشجر مثمراً لم تجز المساقاة عليه جزماً، وليس ذلك محل القولين.

وأما الشجر فقد بينه بقوله: "وكل يثبت أصله فشجر" أي هو الذي يجري فيه القولان. وأما ما لا ثبات له، فلا يقع عليه اسم الشجر، وليس ذلك موضع القولين.

وقوله: "إلاَّ البقل" يعني أنه مع ثبوت عروقه في الأرض لا يقع عليه اسم الشجر، ولا يجري فيه القولان، فكان اسم الشجر مخصوصاً بذي الساق في عرف اللسان، قال الله تعالى: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: ٦].

قيل في التفسير: النجم مالا ساق له من النبات، والشجر ماله ساق، فلا يبعد إعلام قوله: "إلاَّ البقل" بالواو للوجه المروي في "التتمة".

قال الغزالي: وَلاَ يُجَوّزُ (و) هَذِهِ المُعَامَلَةَ عَلَيْهِ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَنِ المُخَابَرَةِ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ البِذْرُ مِنَ العَامِلِ، وَعَنِ المُزَارَعَةِ وَهِيَ (و) أَنْ يَكُونَ البِذْرُ مِنَ


(١) قال النووي الأصح المنع. ينظر الروضة (٤/ ٢٢٧).
(٢) شجر عظيم الورق لا زهر له ولا ثمر. (ينظر المعجم الوسيط ١/ ٢٩١).
(٣) في م أرضها.

<<  <  ج: ص:  >  >>