للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَالِكِ، نَعَمِ يْجَوُزُ ذَلِكَ عَلَى الأَرَاضَيِ المُتَخَلَّلَةِ بَيْنَ النَّخِيلِ وَالكَرْم تَبَعاً لِلمُسَاقَاةِ بِشَرْطِ اتِّحَادِ العَامِلِ وَعُسْرِ إِفْرازِ الأَرَاضِي بِالعَمَلِ، فَلَوْ وَقَعَتْ مُتَغَايِرةٌ بِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ أَوْ بِتَفَاوُتِ الجُزْءِ المَشْرُوطِ مِنَ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ أَوْ بِكَثْرةِ الأَرَاضِي وَإِنْ عَسُرَ إِفْرَازُهَا بِالعَمَلِ أَوْ بْكَوْنِ مِنَ العَايلِ فَفي بَقَاءِ حُكْمِ التَّبعِيَّةِ فِي الصَّحَّةِ خِلاَفٌ.

قال الرافعي: المُخَابرة من الخبير وهو الأَكَّار ويقال: هى مشتقة من الخبار، وهي الأرض الرّخوة، ثم ذهب بعض الأصحاب إلى أن المخابرة المزارعة عبارتان عن معبر واحد، ويوافقه قوله في الصِّحاح (١): والخبير الأَكَّار (٢)، ولفظ المخابرة وهي المزارعة ببعض ما يخرج من الأرض، والصحيح وهو ظاهر نص الشَّافعي -رضي الله عنه- أنهما عقدان مختلفان فالمخابرة هي المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، والبذر من العامل، والمزراعة هي هذه المعاملة، والبذر من مالك للأرض، وقد يقال: المخابرة اكتراء الأرض ببعض ما يخرج منها، والمزارعة اكتراء العامل ليزرع الأرض ببعض ما يخرج منها، وهذا المعنى لا يختلف (٣) ويجوز أن يعلم قوله في الكتاب: "وهي أن يكون على العامل" -وكذا؛ "وهي أن يكون البذر من المالك" - بالواو- إشارة إلى قول من قال: هما عبارتان عن معبر واحد، فإن عند ذلك القائل ليس واحداً من هذين الخصوصين بداخل في واحد من اللفظين، بل هما عبارتان عن مُجَّرد المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها، وقد اشتهر في الأخبار النهي عن المخابرة.

(قال ابن عمر: كنا نخابر، ولا نرى بذلك بأساً حتى أخبرنا رَافِعُ بْنُ خُدِيْجٍ أن النبي -صلى الله عليه وسلم-نهى عنه فتركناها لقول رَافِعٍ) (٤).


(١) إسماعيل بن حماد الجوهرى، أبو نصر: أول من حاول "الطيران" ومات في سبيله. لغويّ، من الأئمة. وخطه يذكر مع خط ابن مقلة. أشهر كتبه "الصحاح" وله كتاب في "العروض" ومقدمة في "النحو" أصله من فاراب، ودخل الحراق صغيراً، وسافر إلى الحجاز فطاف البادية، وعاد إلى خراسان، ثم أقام في نيسابور. وصنع جناحين من خشب وربطهما بحبل، وصعد سطح داره، ونادى في الناس: لقد صنعت ما لم أسبق إليه وسأطير الساعة؛ فازدحم أهل نيسابور ينظرون إليه، فتأبط الجناحين ونهض بهما، فخانه اختراعه؛ فسقط إلى الأرض قتيلاً سنة ٣٩٣ هـ. الأعلام للزركلي ج ١.
(٢) ينظر الصحاح للجوهري (٢/ ٥٨٠).
(٣) قال النووي: هذا الذي صححه الإمام الرافعي هو الصواب. وأما قول صاحب "البيان": قال أكثر أصحابنا: هما بمعنى فلا يوافق عليه فنبهت عليه لئلا يغتر به. (ينظر روضة الطالبين ٤/ ٢٤٣).
(٤) أخرجه مسلم بلفظ مقارب في الصحيح (١٣/ ١١٧٩) كتاب البيوع (٢١) باب كراء الأرض (١٧) الحديث (١٠٦/ ١٥٤٧) و (١٠٧/ ١٥٤٧) وبلفظه التام أخرجه الشَّافعي في ترتيب المسند =

<<  <  ج: ص:  >  >>