للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن جَابِرٍ وغيره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنِ المُخَابَرةِ) (١) وأما المزارعة، فعن رواية ثابت بن الضَّحَّاَك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- (نَهَى عَنِ المُزَارَعَةِ) (٢).

وقال كثيرون: لم يرد فيها نهي، لكنها شبهت بالمخابرة فأبطلت، وساعدنا على إبطال المخابرة والمزارعة معاً مالك وأبو حنيفة، وأبطل أحمد المخابرة، دون (٣) المزارعة، فيجوز أن يعلم لذلك قوله في الكتاب: "ولا يجوز هذه المعاملة عليه" كذلك بالواو؛ لأن ابن سريج فيما حكاه المسعودي جوز المزارعة (٤).

إذا تقرر ذلك فمهما أفردت الأرض مخابرة، أو مزارعة، فالعقد باطل، ثم إن كان البذر للعامل، فالريع له، وللعامل أجرة مثل عمله، وأجرة مثل الآلات والثيران إن كانت له؛ وإن كان البذر للعامل فالريع له ولمالك الأرض أجرة مثل الأرض على العامل، وإن كان البذر بينهما فالريع بينهما ولكل واحد منهما على الآخر أجرة مثل ما انصرف من المنافع المستحقة له إلى جهة المزارعة، وإذا أراد أن يكون الزرع بينهما على وجه مشروع من غير أن يرجع أحدهما على الآخر شيء، نظر إن كان البذر بينهما، والأرض لأحدهما، والعمل والآلات للثاني، فعن الشَّافعي -رضي الله عنه- أن صاحب الأرض يعير نصف أرضه من العامل، ويتبرع العامل بمنفعة بدنه ومنفعة الآته، فيما يتعلق بصاحب الأرض. وقال المُزَنِيُّ: يكري صاحب الأرض نصف أرضه من العامل بعشرة مثلاً، ويكري العامل ليعمل على نصيبه بنفسه والآته بعشرة، ويتقاصَّان.


= (١٣٦١٢) كتاب المزارعة الحديث (٤٤٧) المخابرة والمزارعة متقاربتان وهما المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع كالثلت والربع وغير ذلك من الأجزاء المعلومة (النووي شرح صحيح مسلم ١٠/ ١٩٣).
(١) أخرجه البخاري (٢٣٨١) ومسلم (١٥٣٦).
(٢) أخرجه مسلم في الصحيح (٣/ ١١٨٤) كتاب البيوع (٢١) باب في المزارعة والمؤاجرة (٢٠) الحديث (١١٩/ ١٥٤٩).
(٣) في ط وكذلك.
(٤) قال النووي: قد قال بجواز المزارعة والمخابرة من كبار أصحابنا أيضاً ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وصنّف فيها ابن خزيمة جزءًا وبين فيه علل الأحاديث الواردة بالنهي عنها وجمع بين أحاديث الباب ثم متابعة الخطابي وقال: ضعَّف أحمد ابن حنبل حديث النهي وقال: هو مضطرب كثير الألوان قال الخطابي: وأبطلها مالك وأبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهم لأنهم لم يقفوا على علته قال: فالمزارعة جائزة وهى عمل المسلمين في جميع الأمصار لا يبطل العمل بها أحد هذا كلام الخطابي والمختار جواز المزارعة والمخابرة وتأويل الأحاديث على ما إذا شرط أحدهما زرع قطعة معينة والآخر آخرى والمعروف في المذهب أبطالهما وعليه تفريع مسائل الباب. (ينظر روضة الطالبين ٤/ ٢٤٣ - ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>