في "فتاوى القَفَّال" و"التهذيب" وغيرهما أنه لو دفع أرضاً إلى رجل ليغرس أو يبني، أو يزرع فيها من عنده على أن تكون بينهما على النصف، فالحاصل للعامل، وفيما يلزمه من أجرة الأرض وجهان:
أحدهما: أن الواجب نصف الأجرة؛ لأن نصف الغراس كان يغرسه لرب الأرض بإذنه، فكأنه رضي ببطلان نصف منفعته من الأرض.
وأصحهما: وجوب الجميع؛ لأنه لم يرض ببطلان المنفعة إلاَّ إذا حصل نصف الغراس، فإذا لم يحصل وانصرف كل المنفعة للعامل استحق كل الأجرة، فإذا ما أطلقوه في المخابرة اقتصار منهم على الأصح، ثم العامل يكلَّف نقل البناء والغراس إن لم تنقص قيمتها، وإن نقصت لم يقلع مجاناً للإذن، ويتخير مالك الأرض فيهما تخير المعير، والزرع يبقى إلى الحصاد، ولو زرع العامل البياض بين النخيل من غير عَقْد قلع زرعه مجاناً. وعن مَالِكِ -رضي الله عنه- أنه إن كان دون ثلث البستان كان تابعاً، وإذا لم نجوز المساقاة على ما سوي النخيل والكروم من الأشجار المثمرة على الإنفراد، ففي جوازها تبعاً للمُسَاقاة كالمزارعة وجهان (١).
قال الرافعي: لو أخر هذا الشرط إلى الركن الثاني لكان جائزاً أو أحسن.
وفقهه أن في جواز المُسَاقاة بعد خروج الثمار قولين:
رواية البويطي المنع؛ لأن الثمرة إذا ظهرت وملكها رب البستان كان شرط شئ منها كشرط شيء من النخيل، وأيضاً مقصود المساقاة أن تخرج الثمار بعمله.
وفي "الأم" أنه جائز، وبه قال مَالِكٌ وَأَحْمَدُ، وهو الأصح؟ لأن العقد والحالة هذه أبعد عن الغرر، والوثوق بالثمار، فهو أولى بالجواز، وفي موضع القولين ثلاثة طرق جمعها من شرح "مختصر" الجويني:
أظهرها: أن القولين فيما إذا لم يَبْدُ الصلاح فيها، فأما بعده فلا تجويز بلا خلاف؛ لأن تجويز المساقاة لتربية الثمار وتنميتها، وهي بعد الصلاح لا تتأثر بالأعمال.
والثاني: إجراء القولين فيما إذا بدأ الصلاح، وفيما إذا لم يَبْدُ مالم يتناه نضجها، فإن تناهى، ولم يبق إلاَّ الجذَاذ لم يجز بلا خلاف.
(١) قال النووي في زيادته: أصحهما الجواز وقيد الماوردي والروياني الجواز بما إذا كانت قليلة وقضية كلامهم أنه لا فرق بين أن يقل الشجر أو يكثر. (ينظر الروضة ٤/ ٢٤٦).