للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يساقي من يعرف ذلك لينوب عنه في الاستعمال.

قال الغزالي: وُيشْتَرطُ تَأْقِيتُ المُسَاقَاة لأنَّها لاَزِمَةٌ فَيَضُرُّ التَّأْبِيدُ، وَلْيُعَرِّفِ العَمَلَ جُمْلَةً، ثُمَّ لْيُعَرِّفْ بِالسَّنَةِ العَرَبِيَّةِ، فَإِنْ عَرَّفَ بِإدْرَاكِ الثَّمَارِ جَازَ عَلَى الأَصَحِّ، فَإِنْ عَرَّفَ بِالعَرَبيَّةِ فَبِرَزَتِ الثِّمَارُ في آخِرِ المدَّةِ وَلَمْ تُدْرَكْ في المُدَّةِ فَالعَامِلُ شَرَيكٌ فِيهَا.

قال الرافعي: اشتراط التأقيت في المُسَاقاة قد سبق ذكره في أول الباب، ويتعلق هذا الركن به من جهة أن العمل يجب تعريفه ببيان المدة دون التعيين والتفصيل، ثم إن أقت بالأشهر أو السنين العربية فذاك. وإن أقت بإدراك الثمار فوجهان:

أحدهما: أنه يجوز لأنه قد يتقدم تارة، ويتأخر أخرى، فليقدر بما تقدر به الإجارات والآجال في العقود.

والثاني: لا يجوز؛ لأنه المقصود من هذا العقد، ألاَ تَرىَ أنه لو أقت بالزمان كان الشرط أن يعلم أو يظن الإدراك فيه فإذا تعرض للمقصود كان أولى، وهذا أصح عند صاحب الكتاب، والأول أصح عند الأكثرين، وهو المذكور في "التهذيب" وإذا قلنا بالثاني، فلو قال: ساقيتك سنة، وأطلق فيحمل على سنة عربية، أو على سنة الإدراك؟ فيه وجهان، زعم الشيخ أبو الفَرَجِ السَّرْخَسِيُّ أن أصحهما الثاني. وإذا قلنا بالأول لو أقت بالزمان فأدركت الثمار، وبعض المدة باقية وجب على العامل أن يعمل في تلك البقية، ولا أجرة له، وإن انقضت المدة، وعلى الأشجار طلع أو بلح، فللعامل نصيبه منها، وعلى المالك التعهُّد إلى الإدراك، فإن حدث الطلع بعد المدة، فلا حق له فيه.

وجواز المساقاة أكثر من سنة على الأقوال التي نذكرها في جواز الإجارة أكثر من سنة، وإذا جوزناها فهل يجب أن يبين (١) حصته كل سنة أم يكفي قوله: ساقيتك على النصف لاستحقاق النصف كل سنة؟ فيه وجهان أو قولان كما في الإجارة، وفي "المهذب" طريقة أخرى قاطعة بوجوب البيان؛ لأن الاختلاف في الثمار يكثر، وفي المنافع يقل، ولو فارت بين الجزء المشروط في السَّنتين لم يضر.

وفيه وجه: أنه على الخلاف فيما إذا أسلم في جنس إلى آجال، ولو ساقاه سنين، وشرط له ثمرة سنة بعينها، والأشجار بحيث تثمر كل سنة لم يصح (٢)؛ لأنها ربما لا تثمر تلك السنة، فلا يكون للعامل شيء أو إلاَّ تلك السنة، فلا يكون للمالك شيء،


(١) في ط يعين.
(٢) ولو ساقاه تسع سنين وشرط له ثمرة العاشرة لم يصح قطعاً وكذا أن شرط له ثمرة التاسعة على الصحيح. (ينظر روضة الطالبين ٤/ ٢٣٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>