ويخالف ما لو ساقاه على وَدِيٍّ عشر سنين، والثمرة لا تتوقع إلاَّ في العاشرة لتكون هي بينهما أنه شرط له سهماً من جميع الثمرة، ولو أنه أثمر قبل سنة التوقع لم يستحق العامل منها شيئاً. وقوله في الكتاب:"وليعرف العامل عمله" لا ينبغي أن يقرأ على الأمر؛ لأنه حينئذ يكون المراد منه أنه لا يشترط تفصيل الأعمال، وهذا قد ذكره في آخر الباب، فليزم التكرار، وأيضاً فإن المسألة لا تتعلّق بركن العمل، ولكنه معطوف على قوله: لأنها لأزمة المعنى أنه يشترط تأقيت المساقاة للزومها، وليكون التأقيت معرفاً للعمل مقدراً بجملته. وقوله:"ثم ليعرف بالسنة العربية" المراد ليعرف بالزمان، وذكر العربية يجري على سبيل التمثيل لا لتخصيص التأقيت بها، فإن التأقيت بالرومية وغيرها جائز إذا علماها، نعم فإذا أطلقا لفظ السَّنة انصرف إلى العربية، وكذا سبيل قوله:"وإن عرفت بالعربية".
قال الرافعي: يجوز أن يعلم قوله: "الركن الرابع" بالواو للوجه المكتفي به العقود بالتراضي والمُعَاطاة، وكذا في القراض وغيره، ثم أشهر صيغ هذا العقد أن يقول: ساقيتك على هذه النخيل بكذا، أو عقدت معك عقد المساقاة.
قال الأئمة: وتنعقد بكل لفظ يؤدي معناها، كقوله: سلمت إليك نخلي لتتعهدها على أن يكون لك كذا، أو عمل هذه النخيل، أو تعهد نخيلي بكذا، وهذا يجوز أن يكون جواباً على أن مثله من العقود ينعقد بالكتابة، ويجوز أن يكون ذهاباً إلى أن هذه الألفاظ صريحة، ونظيره أنا على رأي يقول: صرائح الرجعة غير محصورة، ويعتبر القبول في المساقاة، ولا تجيء فيها الوجوه المذكورة في القراض والوِكَالَةِ للزومها هكذا قال الإمام، وصاحب الكتاب، ولو تعاقدا بلفظ الإجارة، فقال المالك: استاجرتك لتعهُّد نخلي بكذا من ثمارها، فيه وجهان جاريان في الإجارة بلفظ المساقاة. أحدهما: الصحة لما بين العقدين من المشابهة، واحتمال كل واحد من اللفظين معنى الآخر.
وأظهرهما: المنع؛ لأن لفظ الإجارة صريح في غير المُسَاقاة، فإن أمكن تنفيذه في موضعه نفذ فيه، وإلاَّ فهو إجارة فاسدة (١)، والخلاف نازع إلى أن الاعتبار باللفظ أو
(١) قال الإسنوي: وتصحيح عدم مشكل مخالف للقواعد، فإن الصريح في بابه إنما يمنع أن يكون كناية في غيره إذا وجد نفاذاً في موضوعه كقوله لزوجته: أنت عليّ كظهر أمي ناوياً للطلاق، فلا =