مر وفي مسألة الرقيق الرضيع، وقِطَاف الثمار شيء آخر، وهو أن الأجرة معينة، وقد أجلها بأجل مجهول، والأعيان لا تؤجل بالآجال المعلومة، فكيف بالمجهولة؟
والثاني: أن عمله لا يقع للمستأجر في محل ملكه خاصة بل لنفسه وللمستأجر، وفي ملكيهما، والشرط في الإجارة وقوع العمل في خاص ملك المستأجر.
وهذا قد ذكره صاحب الكتاب أيضاً في آخر الفصل، وسيأتي الإشكال عليه.
والثالث: أن الأجرة غير حاصلة في الحال على الهيئة المشروطة، وإنما تحصل بعمل الأجير من بعد، فهي إذاً غير مقدور عليها في الحال. ولو استأجر المرضعة بجزء من الرقيق في الحال، أو قَاطِف الثمار بجزء منها على رؤوس الأشجار، فحكاية الإمام وصاحب الكتاب عن الأصحاب المنع أيضاً، توجيهاً بأن عمل الأجير ينبغي أن يقع في الخاص ملك المستأجر، وإنهم خرجوا على هذا أنه لو كان الرضيع ملكًا لرجل وامرأة، فاستأجرها الرجل، وهي مرضع لترضعه بجزء من الرقيق أو غيره لم يجز؛ لأن عملها لا يقع في خاص ملك المستأجر، واعترضا عليه بأن القياس والحالة هذه الجواز، ولا يضر وقوع العمل في المحل المشترك، ألاَّ تَرىَ أن أحد الشريكين لو ساقى صاحبه، وشرط له زيادة في الثمار يجوز، وإن كان عليه يقع في المشترك؟
وظاهر المذهب هذا الذي مالا إليه دون ما نقلاه. قال في "التهذيب": لو استأجر أحد الشريكين في الحِنْطة صاحبها ليطحنها، أو في الدابة ليتعهدها بدرهم جاز، ولو قال: استأجرتك بربع هذه الحنطة، أو بصاع منها لتطحن الباقي.
فالجواب: في "التهذيب" والتتمة الصحة، ثم يتقاسمان قبل الطحن، فيأخذ الأجرة، ويطحن الباقي.
قال في "التتمة": فإن شاء طحن الكل، والدقيق مشترك بينهما.
ومن صور "الوسيط" ما إذا استأجر حَمَّال الجيفة بجلدها، وتعليل الفساد فيها بأن جلد الجيفة أجرة أوضح، لكن الصورة الغريبة منها ما إذا استأجر لحمل شاة مُذَكَّاة إلى موضع كذا بجلدها.