ولو شك المسافر في أن ابتداء مسحه كان في الحضر أو في السّفر لا يزيد على مدة المقيمين أخذاً بالأصل المقتضي لوجوب الغسل فلو مسح في اليوم الثاني على الشَّكِّ وصلى ثم زال الشّك في اليوم الثالث وعلم أنه ابتدأ المسح في السَّفَرِ فعليه إعادة صلوات اليوم الثاني؛ لأنه صلاها على الشك ويجوز أن يصلي بالمسح في اليوم الثالث ثم إن كان على مسح اليوم الأول ولم يحدث في اليوم الثاني له أن يصلي في اليوم الثَّالث بذلك المسح، وإن كان قد أحدث في اليوم الثَّاني لكنه مسح على الشك وجب عليه إعادة المسح لصلوات اليوم الثَّاني، وفي وجوب استئناف الوضوء قولان. ويجوز له أن يعيد صلوات اليوم الثَّاني بالمسح في اليوم الثَّالث، ذكر كل ذلك في "التَّهْذِيب" وقال ابن الصباغ في الشامل: يجب إعادة الصلوات لكن يجزئه المسح مع الشك، والأول أظهر هذا تمام الكلام في إحدى الغَايَتَيْنِ.
قال الرافعي: الغاية الثّانية نزع الخفين أو أحدهما، ومهما اتّفق ذلك وهو على طهارة لزم غسل الرِّجْلَيْنِ سواء كان عند انقضاء المدة أو قبلها، وهل يجب استئناف الوضوء؟ فيه قولان:
أحدهما: يجب وبه قال أحمد:
وأصحهما: لا، وبه قال مالك وأبو حنيفة والمزني، واختلف الأصحاب في أن القولين مستقلان بنفسهما أو هما مبنيان على أصل آخر: منهم من قال: هما مستقلان ووجه قول الاكتفاء بغسل الرّجلين بأن المسح بدل زال حكمه بظهور محل مبدله فيرجع إلى المبدل وهو الغسل كالمتيمّم يرى الماء. ووجه قول الاستئّناف بأن قال: عبادة بطل بعضها فيبطل كلها كالصَّلاة. ومنهم من قال: هما مبنيان على أصل واختلفوا فيه على ثَلاَثَةِ طرق.
أحدهما: أنهما مبنيان على القولين في تفريق الوضوء إن جوزنا كفى غسلهما وإلا وجب الاستئناف، ويحكى هذا عن ابن سريج وأبي إسحاق لكن زيفه الجمهور، من وجوه منها أنه لا خلاف في جواز التفريق في الوُضُوء على الجديد ونص في مواضع من الجديد على وجوب الاستئناف هاهنا، ومنها: أن قولي التَّفريق يَخْتَصَّان فالتفريق الكثير