أما عند حصول الرؤية فظاهر. وأما إذا لم تحصل فلأنه من مصلحة المزارعة، من حيث أنه يقوي الأرض، ويقطع العروق المنتشرة فيها، فأشبه استثار الجوز واللوز بقشره. والظاهرة: الصحة سواء أجرينا القولين أم لا وإن كانت الأرض على شط نهر، الظاهر منها أنها تفرق، وتنهار في الماء لم يجز استئجارها، وإن احتمل ولم يظهر جاز؛ لأن الأصل والغالب دوام السلامة، ويجوز أن تخرج حالة الظهور على مقابل الأصل.
والظاهر إذا عرف حكم الأنواع، فكل أرض لها ماء معلوم واستأجرها للزراعة مع شربها منه فذاك، وإن استأجرها للزراعة دون شربها جاز إن تيسر سقيها من ماء آخر، وإن أطلق دخل فيه الشرب، بخلاف ما إذا باعها لا يدخل الشرب فيه؛ لأن المنفعة هاهنا لا تحصل دونه، وهذا إذا اطردت العادة للإجارة مع الشرب، فإن اضطريت فسيأتي الحكم في الباب الثاني، فكل أرض منعنا استئجارها للزراعة، فإن اكتراها لينزل فيها، أو يسكنها، أو يجمع الحطب فيها، أو يربط الدواب جاز، وإن اكتراها مطلقاً نظر إن قال: اكتريت هذه الأرض البيضاء، ولا ماء لها جاز؛ لأنه يعرف بنفي الماء أن الاستئجار بغير منفعة الزراعة، ثم لو حمل ماء من موضع وزرعها أو زرع على توقع حصول ماء لم يمنع، وليس له البناء والغراس فيها، نص عليه ووجهوه بأن تقدير المدة يقتضي ظاهره التفريغ عند إنقضائها والغراس والبناء للتأبيد، بخلاف ما لو استأجر للبناء والغراس، فإن التصريح بها حرف اللفظ عن ظاهره، وإن لم يقل عند الإجارة: ولا ماء لها، فإن كانت الأرض بحيث يطمع في سوق الماء إليها لم يصح العقد؛ لأن الغالب في مثلها الاستئجار للزراعة، فكان ذكرها وإن كانت على قلّة جبل لا يطمع في سوق الماء إليها.
فوجهان: عن رواية أبِي إِسْحَاقَ:
وأظهرهما: الصحة وتكفي هذه القرينة صارفة، فإذا اعتبرنا نفي الماء ففي قيام علم المتعاقدين مقام التصريح بالنفي وجهان:
أشبههما: المنع؛ لأن العادة في مثلها الاستئجار للزراعة، فلا بد من الصرف باللفظ، أَلا ترى أنه لما كانت العادة في الثمار الإبقاء، وأردنا خلافه اعتبرنا التصريح شرط القطع؟ واعلم أن في المسألة تصريحاً بجواز الاستئجار مطلقاً من غير بيان جنس المنفعة، وسيأتي الكلام فيه.
وأما لفظ الكتابة فقوله:"فإن أطلق وكان في محلّ يتوقع الزراعة كان كالتصريح بالزراعة" جواب على أحد الوجهين.
فأما على رأي من لا يفرق، ويقول: سواء كانت الزراعة متوقعة أو لم تكن، فإلاطلاق كالتصريح بالزراعة، فيجوز أن يعلّم بالواو.