أحدهما: المنع؛ لأن الإجارة عقد على معدوم جوز رخصة للحاجة والحاجة تندفع بالتجويز سنة، لأَنها مدة تنظيم الفصول، وتتكرر فيها الزروع والثمار والمنافع بتكرر تكررها.
وأصحهما: الجواز، كما يجوز الجمع في البيع بين أعيان كثيرة، وهذا ما أجاب به في "المختصر"، فقال: وله أن يؤجر داره وعبده ثلاثين سنة، وعلى هذا فطريقان:
أحدهما: أن المسألة على قولين:
أحدهما: أنه يجوز الزيادة على ثلاثين سنة؛ لأنها نصف العمر، والغالب ظهور التغيير على الشيء بمضي هذه المدة، فلا حاجة إلى تجويز الزيادة عليها.
وأصحهما: أنه لا تقدر كما لا تقدر في جميع الأعيان المختلفة في البيع.
والطريق الثاني: القطع بالقول الثاني، وحمل ما ذكره المُزَنِيُّ على التمثيل للكثرة لا للتحديد، وعلى هذا من ضابط؟ قال معظم الأصحاب: يجب أن تكون المدة بحيث يبقى إليها ذلك الشيء غالباً، فلا يؤجر العبد أكثر من ثلاثين سنة، والدابة تؤجر عشر سنين، والثوب إلى سنتين، أو سنة على ما يليق به، والأراضي إلى مائة أو أكثر.
وفي كتاب القاضي ابْنِ كَجٍّ أن العبد يؤجر إلى مائة وعشرين سَنَةً من عمره.
وقال بعضهم: يصح وإن كانت المدة بحيث لا تبقى إليها العين في الغالب اعتماداً على أن الأصل الدوام والاستمرار، فإن هلك بعارض، فهو كانهدام الدار ونحوه في المدة، وحاصل هذا الترتيب أربعة أقوال.
التقدير بثلاثين سنة والضبط بمدة بقاء ذلك الشيء غالباً، ومنع الضبط والتقدير من كل وجه. وقوله: فالأصح أنه جائز ولا ضبط يجوز أن يحمل على ما قاله المعظم.
ويقال: المعنى أنه لا ضبط بعد كون المدة بحيث يبقى إليها شيء، ويجوز أن يجري على ظاهره، فيكون اختيارًا للقول الرابع وقد اختاره غيره من أصحاب الإمام.
وقوله: "وفيه قولان آخران" يجوز إعلامه بالواو للطريقة القاطعة لقول التقدير بالثلاثين. وقوله: "لا يزاد على السنة ولا يزاد على ثلاثين سنةٌ معلّماً بالحاء والميم والألف؛ لأن عندهم لا تقدير. وحكم الوقف في مدة الإجارة حكم الملك.
قال أبو سعيد المتولي: إلاَّ أنَّ الحكام اصطلحوا على منع إجارته أكثر من ثلاث سنين لئلاَّ (١) يندرس الوقف، وهذا الاصطلاح غير مطرد، وهو قريب مما حكوه عن
(١) في ط ثلاث سنين في عقد واحد.