للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها قطْناً، فحمل عليها بقَدْرهِ حديدًا، أو غرفة؛ ليطْرَح فيها مائة رطل (١) من الحنطة، فأبدَلَها بالحديد، وكذلك في كلِّ صورة لا يتميزَّ فيها المستحَقُّ عما زاد، فإن تميَّز كما إذا استأجر دابةً؛ ليحمل خمسين مَنّاً، فحمل مائةَ (٢) أو إلى موْضِع، فجاوَزَه، فالواجبُ المسمَّى وأجرةُ المثل لما زاد.

ولو عدل من الجنْسِ المشْرُوط إلَى غيره، كما إذا استأْجَر للزَّرْع، فغرس، أو بني، فالواجب أجرةُ المِثْل. ومنْهُم من طرد الخِلاَفَ (٣) فيه. وقوله في الكتاب: "يخيّر بيْنَ أُجْرةُ المثل" إلى آخره حاصلُ ما يخرج في المسألة من الأقوال أو الأوْجُه، وفي نظمه إشعارٌ بترجيح التخْيير من ثلاثتها؛ عَلَى ما ذكره كثيرُونَ.

وقوله: "وبيْن أخذ المسمَّى وأرْش نقص الأرْض" فيه مُبَاحَثة، وهي أنَّ هذا اللفظ يسبقُ إلى الفهم منه [أو ما]، ينقص من قيمة الأَرْضِ" ويقرُب منه قولُهُ في "المختصر" (٤): ورَبُّ الأرض بالخيار، إن شاء اختار الكراءَ, أو ما نَقَصَت الأرض مما (٥) ينقصها زرع القمح. ومنهم من يقولُ بدَلَ هذه اللَّفْظَة: إنَّهُ يأْخُذُ المسمَّى وأُجْرةَ المِثْل لِمَا زاد، فهما عبارتان عن معبّر واحدٍ، أم كيف الحال؟

والجواب إنه جَعْلَ نقصان القيمة والأجْرَة وهذا يعتد بل (٦) شيئاً واحداً بَعيدٌ بل (٧) لكلِّ زراعةِ أجرةٌ، ولا يَكاد تنقصُ قيمة الأرض بها، وإنِ اشتدَّ ضرَرُها، والذي يتَّجه أخْذُه مع المسمَّى بدل المنفعة التي استوفاها فوق المستحقِّ، وبدل المنفعة الأجْرَة، فليحمل لفظ "نقص الأرض" على الضَّرَرِ الذي لحقها بما استوفَاهُ المنفعة، وأرْشُه جزءٌ من أجرة ما استوفاه، وهو يفارق ما بينها وبَيْن أُجْرة المنفعة المستحَقَّة، وحقَّقه بعض الشارحين لـ"المُخْتَصَر" فقال: كان أجرةَ مثلها للحنطة خمسون، وللذُّرة سبعون، والمَسَمَّى أربعون يأخذ الأربعين، ويفاوت ما بين الآخَرِين، وهو عشرون.

قَالَ الغَزَالِيُّ: أَمَّا فِي الدَّوَابِّ فَيَجِبُ عَلى مُكْرِي الدَّابَّة تَسْلِيمُ الإِكَافِ، وَالحِزَامِ، وَالثَّفَر وَالبُرَةِ وَالخِطَامِ، وَفِي حَقِّ الفَرَسِ في السَّرْجِ خِلاَفٌ، والمَحْمِل والْمِظَلَّةُ وَالغِطَاءُ وَمَا يُشَدُّ بِهِ أَحَدُ المَحْمِليْنِ إِلَى الآخَرِ فَعَلَى المُكْتَرِي، والْوِعَاءُ الَّذِي فِيهِ نَقْلُ المَحْمُولِ


(١) سقط في: ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) قال النووي إذا حصد المستأجر ما أذن فيه بعد المدة، لزمه قلع ما يبقى في الأرض من قصب الزرع وعروقه؛ لأنه عين ماله يلزمه إزالته عن ملك غيره. وممن صرح به، صاحب "البيان".
(٤) ينظر مخصر المزني مع الحاوي الكبير ٧/ ٤٦٢.
(٥) في ز: كما.
(٦) في ز: وهذا يعتد بل.
(٧) في ز: الرقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>