للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمُ النزول على العقبات الصعْبَة (١).

وثالثها: إذا اكترَى دابَّةً إلى بلدة، فبلغ عمرانها، فللمكري استردادُ الدابَّة، ولا يلزمُه تبليغُه دارَهُ (٢) ولو أكترَى إلى "مكة" لم يكنْ له الحجُّ علَيْها، وإن اكتراها للحجِّ عليها، رَكِبَها إلى "منىً ثمَّ إلى عرفاتٍ ثم إلى "مُزْدَلِفَةَ"، ثم إلى "منى"، ثم إلى "مَكَّة" للطواف، وهل يركبها من "مكة" عائداً إلى "منىً" للرمْي والطواف؟ فيه وجهان (٣).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمَهْمَا تَلِفَتِ الدَّابَّةُ المُعَيَّنَةُ انْفَسَخَتْ، وَإِنْ أَوْرِدَ عَلَى الذِّمَّةِ فَسُلِّمَ دَابَّةً فَتَلَفِتْ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَكَذَا إِنْ وَجَدَ بِهَا عَيْباً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا اكترَى دابَّةً بعينها، فتِلفَتْ، انفسخَ العقْد، وإن وَجَدَ بها عَيْباً، فله الخيارُ، كما لو وجِدَ المبيعَ مَعِيباً، والعَيْبُ بأن تَتَعَثَّرَ في المشْي أو لا تبصر بالليل، أو يكون بها عَرَجٌ تتخلف بها عن القافِلَة، ومجرد خشونة المشي ليْسَ بعَيْب، وإن كانتِ الإجارةُ في الذمَّة، وسلم دابةً، فتلفتْ، لم ينْفَسِخ العقْدُ، وإن وجد بها عَيْباً، لم يكنْ له الخيارُ في فسْخ العقْد، ولكن على المكري الإبدالُ، كما لو وجد بالمُسَلَّم فيه عيباً، واعلم أن الدابة المسلمةَ عن الإجارة في الذمَّةِ، وإن لم ينفسخ العقْدُ بتلفها، فإنَّه يثبتُ للمكتري فيها حقٍّ واختصاصٍ؛ حتَّى يجوز له إجارَتُها, ولو أراد المكْرِي إبدالَهَا، فهل له ذلك دون رضا المكتري فيه وجهان:

أحدهما: لا؛ لما فيها من حقِّ المكترى.

والثاني: عن الشَّيخ أبي محمَّد: أنه يُفْرَق بين أنه يعتمد باللفظ الدَّابة بأن يقول: آجَرْتُكَ دابَّةً من صلتها كذا وكذا، فلا يجُوزُ [إبْداَلُهَا بالذي تَسَلّمها] (٤) أوْ لا يعتمد بأن يقول: ألزمت إركابَك عَلَى دابَّة صفتُها كذا وكذا، فيجوز الإبْدَال، واختار في "الوسيط"


(١) قال النووي: قال أصحابنا: وفي معنى المرأة والمريض، الشيخ العاجز وينبغي أن يلحق بهم من كانت له وجاهة ظاهرة، وشهرة يخل بمروءته في العادة المشي ثم الكلام مفروض في طريق يعتاد النزول فيه لإراحة الدابة. فإن لم تكن معتادة لم يجب مطلقاً، ولم نصحح شيئاً من الوجهين في الرجل القوي. وينبغي أن يكون الأصح وجوب النزول عند العقبات، دون الإراحة.
(٢) فصل الماوردي فقال: إن كان البلد واسعاً متباعد الأقطار لم يجز أن يركبها إلى منزله، وإن كان صغيراً متقارب الأقطار، جاز قال في الخادم: ينبغي أن يكون محل هذا إذا لم يكن للبلد سور وراءه عمارة، فإن كان وقلنا: لا يشترط مجاوزتها في ابتداء القصر فالظاهر أنه يجب البلوغ إلى القول؛ لأنه منْه ابتداء مسمى البلد.
(٣) قال النووي: ينبغي أن يكون أصحهما استحقاقه ذلك لأن الحج لم يفرغ، وإن كان قد تحلل ومن مسائل هذا النوع لو طلب أحد المتكاريين مفارقة القافلة بالتقدم أو التأخر لم يكن له إلا برضى صاحبه.
(٤) في د: إبدال التي سلمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>