للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرابعُ: إِنه كان العاملُ معروفاً بذلك العَمَل، وأخذ الأجرة علَيْه، استحق الأجرة للعادة، وإلا فلا، وهذا ما أجاب به صاحبُ الكتاب في "باب العارية" (١) واختلفت الروايةُ في المسألة عن المزنِّي، وابن سُرَيْج.

أما المزنيُّ فَرَوى أصحابنا العِراقيُّون عنه الوَجْهَ الثاني، وأسنَدُوه إلى "الجامع الكبير" ورَوى آخرون عنه الوجه الرابع (٢) ومنهم صاحبُ الكتاب، والقاضي الرُّويانيُّ.

وأما ابْنُ سُرَيْج، فَرَوى الأكثرون عنه الوَجْهَ الأوَّل.

وفي "المهذَّب"، و"التهذيب" نِسْبةُ الرابع إلَيْه، والله أعلم ولو دخل سفينةً بغير إذْنِ صاحبها، وسار إلى السَّاحل، فعلَيْه الأجْرةُ، وإن كان الإذْنِ، ولم يجرِ ذكر الأجرة، فعلى الأوجُهِ.

وإذا لم نوجِبِ الأجْرة، فالثوب أمانة في يد القَصَّار، وإن أوجَبْنَاها، فوجُوب الضَّمان على الخِلاَف في الأَجير المشترَكَ. الثانية: فيما يأخذه الحمَّامِيُّون (٣) وجهان:

أحدُهما: أنَّهُ ثمن الماء، وهو متطوِّع بحفْظ الثِّياب، وإِعادة السَّطْل (٤)، فعلى


(١) واستحسنه النووي في منهاجه، وعلله الخطيب بقوله "والاستحسان لهذا الوجه لدلالة العرف على ذلك وقيامه مقام اللفظ كما في نظائره، وعلى هذا عمل الناس وقال الغزالي: وهو الأظهر. وقال الشيخ عز الدين. إنه الأصح، وحكاه الروياني في الحلية عن الأكثرين، وقال: إنه الاختيار، وقال في البحر: وبه أَفْتي، وَأَفْتَى به خلائق من المتأخرين، وإذا قلنا: لا أجرة له على الأصح فمحله كما قال الأذرعي، إذا كان حراً مطلق التصرف، أما لو كان عبداً أو محجوراً عليه بسفه أو نحوه فلا؛ إذ ليسوا من أهل التبرع بمنافعهم المقابلة بالأعواض، واحترز المصنف رحمه الله بقوله:
"ولم يجر بينهما ذكر أجرة" عما إذا قال مجاناً، فلا يستحق شيئاً قطعاً، وما لو ذكر أجرة فيستحقها قطعاً، وإن كانت صحيحة فالمسمى، وإلا فأجرة المثل.
ولو عرض بذكر أجرة كاعمل وأنا أرضيك، أو اعمل وما ترى منى إلا ما يسرك، أو نحو ذلك كقوله حتى أحاسبك، استحق أجرة المثل، كما في البيان للعمراني وغيره، ويستثنى منها: عامل المساقاة إذا عمل ما ليس من أعمالها بإذن المالك فإنه يستحق الأجرة. قال بعض أهل العلم: لا تستثنى؛ لأن عمله تابع لما فيه أجرة؛ وأيضاً استثنى عامل الزكاة فإنه يستحق العوض، ولو لم يسم.
قال الزركشي: ولا يستثنى؛ لأن الأجرة ثابتة بنص القرآن، فهي مسماة شرعاً، وإن لم يسمها الإمام. وأيضاً عامل القسمة بأمر الحكم فللقاسم الأجرة من غير تسمية، ونازع في التوشيح هذا الاستثناء وقال: إنه لغيره.
(٢) في ز: الثاني.
(٣) في ب الحمامي وهو موافق كما في الروضة.
(٤) السطل: إناء من معدن كالمرجل له علاقة كنصف الدائرة مركبة في عرويتن. ينظر المعجم الوسيط ١/ ٤٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>