للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن قلنا: ينفسخ [العقد] فهو كما لو تلف، وإلاَّ فللمستأجر الخيارُ في فَسْخ الإجارة وإجازتها، وإن أجاز ولم يضمن الأجيرُ، فيستقرُّ له الأجرة، والمستأجرُ يغرَّم للأجنبيِّ قيمة ثوبٍ مقصورٍ، وإن ضمناه، فالمستأجر بالخيار، إن شاء ضمن الأجنبي قيمة ثوب مقصورٍ، وإن شاء، غرم الأجنبيُّ قيمة القصارة، وللأجير قيمةُ ثوْبٍ غيرِ مقْصُورٍ، ثم الأجيرُ يرجع على الأجنبيِّ وإن فسخ الإجارة، فلا أجْرةَ عليه، ويغرَّم الأجنبيُّ قيمةَ ثوبْ غير مقصورٍ، وإن ضمنا الأجير، غرم القيمة من شاء منْهما، والقرار على الأجنبيِّ، ويغرِّم الأجنبيُّ للأجير (١) قيمة القصَارة، ولو أتْلَف الأجيرُ الثَّوْبَ بنفسه، فإن قلْنا: القصارة أثرٌ فله الأجرة، وعَليْه قيمةُ ثوْب مقصورٍ، وإن قلنا: عيْنٌ، جاء الخلافُ في أن إتلاف البائع كالآفة السماويَّة، أو كإتلاف الأجنبيِّ، وإن قلْنا: كالأفة السماوية، فالحكمُ ما سبق، وإن قلْنا: كإتلاف الأجنبيِّ وأثبتنا للمستأجر الخِيَارَ، فإن فسخ الإجارة، سقطت الأجرةُ على الأَجير، وعلَى الأجِير قيمةُ ثوبٍ غير مقصورٍ، وإنْ أجازها، استقرَّت، وعليه قيمةُ ثوب مقصورٍ، وصبغ الثوب بصيغ صاحب الثوب كالقصارة، فإن استأجره، ليصبغ بصبغ من عنده؟

قال في "التَّتِمَّة": هو جمْعٌ بين البَيْع والإجارة، ففيه الخلافُ المعروف، وسواءٌ صحَّ أو لم يصح فهذا هَلَكَ الثَّوْبُ عنده، سقطت قيمةُ الصَّبْغ، وسقوط الأجْرَة عَلَى ما ذكرنا في القِصَارة. فَرْعٌ: سَلَّمَ ثوباً إلَى قَصَّار؛ ليقصرَه، فجحده، ثم أتَى به مقصوراً، استحق الأجرة، إن قصره ثم جحده، وإنْ جَحَد ثم قصره، فوجهان (٢):

وجهُ المنع، وبه قال أبو حنيفة: إنَّهُ عمل لنفسه.

وخرَّج الصيدلانيُّ الوجَهيْن على القَوليْن في الأجير في الحج، إذا صرف الإحرام إلى نفسه، هل يستحقُّ الأجرة؟

ويُقَالُ: إنَّ أبَا حَنِيْفَةَ امتحن أبا يُوسُف. رحمه الله تعالى بهذا الفَرْع، حيث انفرد عَنْه، وتصدَّى الدرس وأمر السائل بتخطئته، إن أطلق الجواب بـ"لا أو نعم". فأطلق.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَو اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيُحَمِّلَهَا عَشَرَةَ آصُعٍ فَزَادَ صَاعاً صَارَ عَاصِيَاً ضَامِناً، وَلَوْ سَلَّم إِلَى المُكْرِي وَقَالَ: إنَّهُ عَشَرَةٌ وَهُوَ أَحَدَ عَشَرَ وَكَذَبَ فَتَلِفَتِ الدَّابَّةُ بِالحِمْلِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ، وَفِي قَدْرِهِ قَوْلاَن أَحُدُهُمَا: النِّصْفُ كَمَا إِذَا جَرِحَ نَفْسَهُ جُرَاحَاتٍ وَجَرَحَهُ غَيْرُهُ جِرَاحَةَ فَمَاتَ وَالثَّانِي: أنَّه يَجِبُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءَاً مِنَ الضَّمَانِ لِأَنَّ


(١) في ز: للأجنبي.
(٢) قال النووي ينبغي أن يكون أحدهما: الفرق بين أن يقصد بعمله لنفسه فلا أجرة، أو يقصد عمله عن الأجازة الواجبة فيستحق الأجرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>